Yahya ben Zayd Yahya ben Zayd (???-743) est un descendant du prophète Mahommet par sa fille Fatima. Il est également le fils du premier représentant du zaydisme, Zayd ibn Ali. Après la mort de son père lors d'une insurrection en 740, il continue la révolte des chiites contre les califes Omeyyades. Il meurt de la même manière que son père, il est massacré avec ses partisans en juin 743.
mercredi 24 juin 2015
إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ۚ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ 159 الأنعام
إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ۚ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ 159 الأنعام
mardi 23 juin 2015
لماذا أعدم سيد قطب وإخوانه؟
مقدمة
لقد مضى الشهداء الأبرار سيد قطب ومحمد يوسف هواش وعبد الفتاح إسماعيل
الى ربهم جل وعلا وتبؤوا المكانة التى أعدها سبحانه لمن يبذلون حياتهم فى
سبيله فهم الأن ينعمون بقربه مستبشرين بنعمته وفضله فلقد قال عز من قائل
والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم وقال يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن
الله لا يضيع اجر المؤمنين مضوا الى ربهم بعد أن تطهرت نفوسهم بنعمة
الشهادة وزكت أرواحهم بعمق الايمان وخلت أفئدتهم منكل غاية الا الله
المتعال
لطالما رددوا وهم فى هذه الدار الدنيا هتافهم المؤمن الله غايتنا والرسول زعيمنا والقرآن دستورنا والجهاد سبيلنا والموت فى سبيل الله أسمى أمانينا ومع أن الجريمة التي ارتكبها جمال عبد الناصر بوحى من سادته فى الشرق والغرب سببت حرماننا من ابرز علم من أعلام الفكر الإسلامي فى العالم العربى وثلاثة من اعلام الصبر والجهاد والكفاح
المتفانى فان الدعوة الإسلامية لا تهتز ولا تنتكس لمصرع رجالاتها فهى قد
اعدتهم لهذا المصير وهم قد وطنو أنفسهم عليه منذ ان رضوا بالله ربا
وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا
وليس همنا اليوم أن نذرف الدمع على نفوسهم الطاهرة وأرواحهم الزكية
أو أن ينتابنا اليأس والقنوط لفقدان القادة الابرار حاشا لله ان نفعل فما
أسعدهم بالشهادة وما اسعد الدعوة الإسلامية بأن يختار الله سبحانه لسيد قطب ومحمد يوسف هواش وعبد الفتاح إسماعيل ولأسلافهم حسن البنا وعبد القادر عودة ومحمد فرغلي ويوسف طلعت وابراهيم الطيب وهنداوي دوير ومحمود عبد اللطيف ولزملائهم الكثيرين الذين سقطوا فى ساحات فلسطين
وعلى ضفاف القناة ثم فى السجون والمعتقلات الناصرية لدليل واضح على أن
الله سبحانه قد رضى عن الحركة الإسلامية ومن عليها بالقبول مرة أخرى نقول
اننا لا نذرف الدمع ولكننا نريد أن نبين للناس الأسباب الحقيقية التى دعت عبد الناصر الى قتل هؤلاء الشهداء الابرار.
حقد مرير
ان من طبيعة الطغيان أن يكره دعاة الحرية وان يحقد عليهم لك ان هؤلاء لا
يألون جهدا فى فضح الطغيان وأعوانه مبينين للناس معنى الحرية وكرامتها
وشؤم الطغيان وذلته ولما كان الإنسان بطبعه يتوق للحرية فان الناس لابد
مستجيبون لدعاتها ملتفون ولذلك لا يحرص الطاغية من هؤلاء على شىء حرصه على
كتم كل صوت حر والزج بصاحبه فى غياهب السجون أو تعليقه على أعواد المشانق
ان امكن كى يضمن لنفسه البقاء والاستمرار فى التحكم بمصائر الناس ورقابهم
وما استشهاد سيد قطب ومحمد يوسف هواش وعبد الفتاح إسماعيل الا حلقة من هذه القصة المعادة المكررة فلكم افترى جمال عبد الناصر وحكومته وصحافته المأجورة ووسائل اعلامه المستذلة على سيد قطب وكتابه القيم معالم فى الطريق وكانت التهمة الدائمة هو أنه كتاب الارهاب ألفه الكاتب الحاقد فماذا قال الشهيد سيد قطب فى معالم فى الطريق حتى يتهم هو وكتابه بهذه التهم لأنه قال:
ان هذا الدين اعلان عام لتحرير الإنسان فى الارض من العبودية للعباد
ومن العبودية لهواه ايضا وهى من العبودية للعباد وذلك باعلان الوهية الله
وحده سبحانه وربوبيته للعالمين .
أم لأنه قال ونحن لا ندعوا الناس الى الإسلام لننال منهم أجرا ولا
نريد علوا فى الارض ولا فسادا ولا نريد شيئا خاصا لأنفسنا اطلاقا وحسابنا
وأجرنا ليس على الناس انما نحن ندعوا الناس الى اللاسلام لأننا نحبهم ونريد
لهم الخير مهما اذونا لان هذه هى طبيعة الداعية فى الإسلام وهذه هى دوافعه
فاى حقد هذا واى ارهاب هذا ؟؟؟
ألا انه الحقد الذى ملأ قلب جمال عبد الناصر
على كل حر يرفض أن يسجد له والارهاب الذى يسلطه على الشعب الصابر المسكين
ليحتفظ لنفسه بالسلطة المطلقة لا يسمع من احد رأيا ولا يقبل من انسان كلمة
ولسنا نعتقد اننا بحجة الى دلائل فهى اكثر من أن تحصى وحديثها يطول وقد
بلغت كل مكان فى الشرق والغرب يدل عليها ذلك السيل الجارف من البرقيات التى
جاءت من كل أطراف الارض تطلب من عبد الناصر ان يرجع عن غيه وما هذه البرقيات الا دليل واضح على أن العالم كله قد شهد لسيد قطب ومحمد يوسف هواش وعبد الفتاح إسماعيل واخوانهم بالبراءة مما نسب اليهم وأدان عبد الناصر بالظلم والاستبداد والطغيان ونحن نورد هنا ذكرا لبعض ما جاء فى ما أسماه عبد الناصر
محكمة والذى يستبين منه كل عاقل أن تامرا صريحا أريد بالإسلام
ودعاته وأن هذه المحكمة لم تكن الا ستارا للجريمة المروعة التى ارتكبها جمال عبد الناصر
وزبانيته فى حق الإسلام وفى حق مصر وفى حق العروبة هذه الجريمة التى لا
يخامرنا ادنى شك فى انها لم تكن بدافع حقده وعدائه للاسلام فحسب ولكنها
كانت ايضا بوحى من اعداء الإسلام فى الشرق والغرب الذين باعهم ضميره ووطنه
وامته ودينه بثمن بخس ومتاع قليل دليلنا على ذ لك فعلته غير المسبوقة فى
التاريخ حين قام يعلن عن فتكه بأبر أبناء الإسلام من موسكو أرض الشيوعية
ألد أعداء الإسلام وألد أعداء مصر على الاطلاق
محكمة التشهير
ان من المسلم به فى كافة الأعراف والدساتير والقوانين الحرة ان كل متهم
برىء حتى يدان وأن مهمة القاضى ان يوفر لكل من المتخاصمين فرصة متكافئة
لتبيان حجته واثبات دعواه ومن المسلم كذلك ان على القاضى أن لا يحكم على
ضوء علمه الشخصى وانما على ضوء ما يقدمه كلا الفريقين من قرائن واثباتات
ومن المعروف بداهة ان مهمة المدعى العام تنحصر فى محاولة اثبات دعواه دون
التعريض بمن يتهم او التشهير به .
ومن المعروف كذلك ان التشهير والقذف جريمة يعاقب عليها القانون .
فماذا لو انقلبت الأوضاع وأصبحت مهمة المدعى العام سب المتهمين وشتمهم والتشهير بهم والقذف بحقهم ؟؟؟
وماذا لو منع القاضى المتهمين من مجرد الكلام ؟؟؟
وماذا لو اصبحت المحكمة قاعة لسخريات القاضى بالمتهمين والهزء بهم ؟؟؟
وماذا لو أن الحكم صدر قبل انعقاد المحكمة بل قبل بدء التحقيق ؟؟؟
ان محكمة امن الدولة العليا لم تزد عن ان تكون ملهاة جمعت كل هذه المهازل والمساخر ونحن نقتطف من وقائعها شذرات تثبت ذلك .
ولن نأتى بهذه المقتطفات من معلوماتنا الخاصة التى تسربت الينا عبر السجن الكبير المسمى الجمهورية العربية المتحدة
بل نأخذها مما كتبته أبواق الدعاية الناصرية مثبتين المصدر الذى اخذناها
منه تاركين للناس أن يحكموا بأنفسهم ويتبينوا الحقيقة الأليمة التى باتت
بلادنا تعيشها
1-أن رئيس نيابة أمن الدولة ووكلاءه لم يفتؤوا يلقبون الشهيد سيد قطب ألقاب سخرية واستهزاء مثل القطب الأغر والقطب الالمع وزعيم الإجرام وركزوا على وصف الشهيد محمد يوسف هواش بألقاب محترف الإجرام وخليفة الإجرام والمجرم المتعطش للدماء ووصفوا الإخوان جميعا بأنهم عصابة الإرهاب والحواريون ومن شاء فليقرأ أية صحيفة مصرية تناولت الإخوان المسلمين ببحث جاء فى الأهرام بتاريخ11/4/1966
فى غرض ما دار فى الجلسة الثانية لمحاكمة الشهيد سيد قطب والتى القى فيها صلاح نصار رئيس نيابة امن الدولة بقية مرافعته الافتتاحية ما يلى :
"رئيس النيابة :ولقد سألنا المتهم عن رايه فى سعيد رمضان فقال :"اعفونى من الاجابة عن السؤال ده "وهذا حقه قانونا ولكن كنا عايزين نعرف رأيه فى سعيد رمضان ايه هو فقال أنه لا يستطيع ان يتكلم عنه لأن له فيه رأيا معينا .
برضه سالناه عن رايه فى محى الدين هلال رفض ..خاف ..لأنه جبان ."
وتابعت الأهرام عرضها فقالت :"وهنا لاحظ رئيس المحكمة ان سيد قطب يتمتم فى قفص الاتهام ويهمس بشىء الى المتهم يوسف هواش الجالس بجواره والذى كان نائبا لرئيس التنظيم السرى فالتفت اليه الفريق اول الدجوى رئيس المحكمة وقال:"ايه ..فيه حاجة ..ما هى علنية ؟الجلسة علنية ."
وانتبه الحاضرون الذين لم يكونوا رأوا سيد قطب ..واستطرد رئيس المحكمة موجها كلامه الى المتهم:
ما هو أنا شايفك بتكلم اللى جنبك ومن حركات بقك فمك بتقول انه ما حصلش ..اشمعنى دلوقت..علشان الجلسة علنية وخايف الكلام ده يوصل لسعيد رمضان واللى فى الخارج ..علشان الصحافة بتكتب ..تبقى انت يعنى ..زى ما قال مشيرا الى رئيس النيابة خايف ثم التفت الى رئيس النيابة قائلا :
اتفضل ..
صلاح نصار .سيد قطب يخشى أن يدلى برأيه واذا كان مش جبان يتكلم دلوقتى فى الجلسة ..يقول رأيه فى سعيد رمضان ..."
أى استدلال هذا واى منطق ؟؟
ان المدعى العسكرى يقول سيد قطب جبان لأنه استخدم حقه القانونى فى رفض الاجابة على سؤال معين ويقول أيضا ان سيد قطب يخشى ان يدلى برايه فى سعيد رمضان لأ ن الجلسة علنية ألم يقل صلاح نصار انه رفض الاجابة على السؤال اثناء التحقيق السرى فكيف يزعم أن رفض الشهيد سيد قطب الاجابة على هذا السؤال كان سببه أن الجلسة علنية؟؟
2- وناهيك عن هذه العلنية فى محكمة لم يسمع بحضورها الا خمسين من المباحث ورجال المخابرات فقد وصفت الأهرام قاعة المحكمة فى عددها الصادر بتاريخ10/4/1966 فقالت:
"فى الساعة الثامنة صباحا بدأ جمهور ٍالقاعة الذين يحملون تذاكر المحاكمة يفدون الى مبنى مجلس قيادة الثورة
وعندما وصل الرقم الى 50 منع الدخول باستثناء المحامين والصحفيين ..ذلك أن
القفص اتسع للأربعين متهما وحارسين فقط..وضاقت القاعة حتى أن وكلاء
النيابة الذين حققوا قضايا الارهاب والتآمر جلسوا على مقاعد فى آخر القاعة
مع عدد من المحامين ضاق بهم الصفين الاولين المخصصين لهم "
أهذه هى العلنية التى يتحدث عنها صلاح نصار ومحمد فؤاد الدجوى؟..
حقا انها العلنية المثلى خاصة بعد أن منعت الصحافة الاجنبية من الدخول بعد أن اتهم الشهيد سيد قطب الدولة الناصرية بتعذيب المعتقلين من جنود الحركة الإسلامية يومها انفجر الدجوى رئيس المحكمة فى وجه الشهيد سيد قطب قائلا :
طهذه أكاذيب وسموم من صنع تنظيمكم " وقد روت ذلك فى حينه جميع
وكالات الانباء العالمية ومن شاء فليرجع الى أية صحيفة أجنبية صادرة بتاريخ
13/4/1966 ورئيس المحكمة هذا العبقرى الذى يقرأ حركات الشفاه ما اعدله ألم تر كيف يردد كلمات رئيس النيابة ويصف الشهيدسيد قطب بالجبن قبل أن يناقشه فى شىء من الاتهامات . حقا انه لقاض نزيه
3. ولو شئنا أن نحصى كل المهازل لعيينا ولكننا نأخذ مثلا آخرونرى
كيف يمنع المتهم من الكلام والادلاء بكلمة واحدة فى الرد الى ما ينسب اليه
فمن الأهرام 13/4/1966 نقتطف "رئيس المحكمة أنت قلت ايه عن المجتمع الحاضر ..
أوعى تقول لنا معالم فى الطريق كله أصوات محاميه .استراحة .
الرئيس أنت تعبت
سيد قطب أصلى مصاب بذبحة صدرية
الرئيس يعنى ما تتحملش ربع ساعة كمان
سيد قطب أستحمل
الرئيس طيب ..استراحة
وتابعت الأهرام تقول ..
"كانت الساعة الثانية عشرة ظهرا حيث رفعت الجلسة ثم عادت الى
الانعقاد بعد ربع ساعة كاملة حيث استؤنفت المناقشة الرئيس يا سيد قطب انت
لك أقوال عن نظام الحكم القائم قلت انه نظام ايه ؟
انت قلت ان نظام الحكم القائم نظام جاهلى .حصل ؟سيد قطب معنى جاهلى ......
الرئيس يقاطع سيد قطب
ويمنعه من اتمام كلامه قائلا معليش أنا هاقولك ..قرر أعضاء التنظيم أنك
أفهمتهم أنهم هم الامة المؤمنة وسط مجتمع جاهلي ..ولا تربطهم بالدولة ولا
بالمجتمع ولا بنظام الحكم القائم أى نظام ..وأنهم فى حالة حرب مع الدولة
..وعمليات القتل والتخريب لا ضير منها ولا عقاب عليها بل بالعكس فيها مثوبة
واحنا هنا نقف عند عبارة وانهم فى حالة حرب مع الدولة .
يعنى مفهوم هذا انك وضعت فى يدك عنصر المبادأة الامر بيدك تحدد
زمانه ومكانه وخطته مش يعنى اذا وقع علينا اعتداء لأ نحن فى حالة حرب .
"سيد قطب أجاوب ؟؟ "
الرئيس يقاطع المتهم ويمنعه من الكلام مرة ثانية كما تقول الأهرام
معليش ..خاتمة العبارة "وبالعكس فيها مثوبة "دى الحقنة المثيرة الحقنة
المهيجة ..التى تثير الجراثيم المترنحة وتخليها تجرى وتتحرك وتبان فى
التحليل الكلام ده حصل ؟ٍ
سيد قطب هذا القول لم أقله ..
• وهنا استرسل رئيس المحكمة الوقور فى فاصل طويل من الافتراءات والاستهزاءات والشتائم لم يسمح فيها للشهيد سيد قطب
أن يقول كلمة واحدة فى الدفاع عن نفسه أو ايضاح آرائه وكشف الحقيقة وتبيان
الحق من الباطل ونحن لا نرى لاعادة ما قاله رئيس المحكمة من سفه الكلم اذ
لا نظن القارىء بحاجة الى اضاعة وقته فى قراءة ذلك ومن شاء ان يعرف ما قاله
رئيس المحكمة فليرجع الى الأهرام ولكننا نورد كلمات رئيس المحكمة التى تلت فاصل السفاهة والافتراءات :
"رئيس المحكمة شوف بقى موضع الثقة الكبيرة قوى وقررت حميدة قطب الشقيقة والواسطة فى أقوالها فى صفحة 2846 طبعا أن أهداف التنظيم هى اسقاط الحكم الحاضر "وتابعت الأهرام عرضها فقالت :
"وهنا حاول سيد قطب مقاطعة رئيس المحكمة فقال له :
"اتفضل محلك " ومنعه من الكلام مرة ثالثة
وينادى الرئيس محمد يوسف هواش
سيد قطب دقيقة واحدة
الرئيس أتفضل مكانك ومنعه الرئيس من الكلام للمرة الرابعة ..والاخيرة
ملهاة مبكية
هذا هو واقع محكمة أمن الدولة العليا التى حاكمت رجال الفكر و الجهاد والكفاح فى بلادنا فرئيس المحكمة صنديد من عملاء حكومة عبد الناصر
و هو يتمتع مثل سيده بحظ وافر من القحة والقدرة على الافتراء والافتيات
ولننظر الى الكلمات الواردة آنفا لنرى عدالة المحكمة أن رئيس المحكمة لا
يستطيع أن يترك سانحة تمر دون أن يسلى الحضور بسخرية أو نكتة أو استهزاء
بالمتهمين وهو لا يألوا جهدا فى اضحاكهم ورحم الله من قال "شر البلية ما
يضحك "
ولنحلل آخر ما اقتطفناه من الأهرام بدأ رئيس المحكمة بسؤال الشهيد سيد قطب عن ما قاله عن المجتمع الحاضر ثم أتبع سؤاله بتحذير "اوعى تقول لنا معالم فى الطريق كله " وهذه السخرية من الكتاب القيم ومن صاحبه تدل على مدى رزانة رئيس المحكمة ونزاهته فهو قطعا لم يقرأ "معالم فى الطريق "
وكيف له أن يقرأ وهو يعلم أن مجرد التفكير فى قراءته يثير عليه غضب
سيده ورب نعمته ثم كيف له أن يفكر فى شيء وهو مثل كل النافخين فى بوق
الحكومة الناصرية قد عطل عقله منذ أن باع نفسه وكرامته وقنع بعبوديته
"لرائد الثورة "ألم تر كيف يخشى أن يذكر الشهيد سيد قطب شيئا من "معالم فى الطريق
"خوفا من أن تقرع الكلمات المؤمنة أذنه الصماء عن كل ما فى الكون غير ما
يمليه عليه الطاغوت المصرى ثم ألم تر الى الطريقة التى "منح " بها الرئيس
الوقور استراحة ربع ساعة كاملة للمتهم المريض :
انت تعبت ؟أصلى مصاب بذبحة يعنى ما تستحملش ربع ساعة كمان .استحمل . ونحن لا نعلق هنا بشىء فالكلام نفسه ابلغ من أى تعليق
لكن نعود هنا الى نص كلام رئيس المحكمة بعد استئناف الجلسة لنرى
كيف يوجه الرئيس النزيه الاسئلة الى المتهم الشهيد ثم لا يدعه يجيب عليها
بل يتولى بنفسه هذه الاجابة ونرى كيف يحاول المتهم الاجابة دون جدوى ونرى
كيف يحرم المتهم حتى من دقيقة واحدة يدافع بها عن نفسه فماذا بعد منع
المتهم من الاجابة فى المحكمة ؟؟
أتراه استطاع الاجابة أثناء التحقيق ربما من يدرى ؟
لعل الحكم الناصرى كان أحرص على حفظ العدالة القضبان منه على حفظها
أمام الناس ثم ماذا بعد ان يتولى رئيس المحكمة مهمة سب المتهمين وشتمهم ؟
انظر مثلا الى كلامه بحق الاخت الممتحنة حميدة قطب
وانظر الى كلامه قبل ذلك " دى الحقنة المثيرة الحقنة المهيجة التى تثير
الجراثيم المترنحة وتخليها تجرى وتتحرك وتبان فى التحليل "واذا كان هذا هو
واقع المحكمة فهل من شك فى عدالته ؟
ونحن نقول ان رئيس المحكمة لم يفتأ يردد سبابه طوال الجاسة . ولنقتطف مثلا آخر من نفس العدد من الأهرام 13/4/1966
رئيس المحكمة والهدف ؟
سيد قطب
تخريج اكبر عدد من الشباب المثقف غير أن النشاط ممنوع قانونا ولذلك يجب أن
يبقى سرا فلما أحس بالخطر من أنه سيكشف واكتشافه معناه أن يحدث كما حدث
سنة 54
الرئيس الكلام ده غير صحيح ..دى السموم اللى بتنفثها فى الشباب ..ده واحد
من دول الشباب اتهمك بالانحراف قال من يوم ما جه .جاء .سيد قطب انحرفنا
سيد قطب ده غير صحيح
ونحن نتسائل هل هذا قاض أم خصم ؟؟
ستار من التكتم
لقد اقتطفناه من مهازل من عدد واحد من الأهرام ويستطيع القارىء أن يتبين من خلال ذلك واقع المحكمة فالأهرام
لم تنشر كل ما حاء فى المحكمة وانما نشرت عرضا ملخصا مشوها لا يخفى فيه
الاضطراب فى النقل ومحاولة ربط الاجزاء غير المترابطة غير أن الأهرام
حرمتنا حتى من هذا العرض المشوه وأصبحت بعد ذلك تكتفى بنشر خبر صغير فى
زاوية مهملة مؤداه أن المحكمة ما زالت تتابع أعمالها والسبب فى لك واضح اذ
أصبحت المساخر والمهازل التى جرت فى المحكمة من الكثرة بحيث لا يغطيهاٍ حذف
ولا تتنقية فلم تر الصحافة التى تأمر بامر الحكومة بدل من أن تهملها كلها
ومن جهة أخرى فان هذه المهازل قد أثارت نقمة الشعب المسكين على
الحكومة اذ رأى الشعب فى هذه المحاكمات تدبيرا مفضوحا تقوم به الحكومة
العسكرية لتفجعه بأبر أبنائه وأعزهم لديه جنود الحركة الإسلامية الاشاوس
الذين قدموا التضحيات وخبرتهم وهاد فلسطين وشطآن النيلوعرفت صبرهم وبلائهم حكومات الاستعمار وسجون الحكومات الفاسدة وسجون حكومة "الشعب "و "الثورة الرائدة "أيام الحكم الناصرى العميل
من أجل هذا كله حرمتنا الأهرام
وبقية أبواق الدعاية الناصرية من العرض المشوه لوقائع" المحكمة " ولكن
الله سبحانه أراد أن يفضحهم فجعلهم يتركون شذرات تكشف الحقيقة وتبين
الوقائع وتظهر المحكمة المزعومة ووجهها الكالح اللئيم وتبين الدور الآثم
الذى لعبه من أسمتهم المحكمة "محامو الدفاع " فلننظر ما فعل هؤلاء
مهازل الدفاع
لم تقتصر المهازل والمساخ فى المحكمة العجيبة على ما قاله رئيس المحكمة
ورئيس النيابة ووكلاؤها ولو اقتصرت عليهم لكان الامر مقبولا الى حد ٍولكن
الدفاع الذى فرضته الحكومة على المتهمين أبى الا أن يشارك فى مسابقة
المهازل فأدلى بدلوه فيها وصال وجال وحاز قصب السبق ومرضاة "الزعيم الاسمر "
فمن المعروف بداهة أن من حق أى متهم أن يدافع عن نفسه وأن يختار محاميه
بحرية كاملة غير أن حكومة البكباشى جمال عبد الناصر
حرمت من قذفت بهم فى غياهب السجون من جنود الحركة الإسلامية من هذا الحق
الطبيعى ورفضت أن تسمح لأى منهم باختيار محاميه ومنعت المحامين السودانيين
والمغربيين الذين قدموا الى القاهرة للدفاع عن الإخوان
من الاتصال بموكليهم بل أمرتهم بمغادرة البلاد فورا دون ابداء أى سبب لذلك
ومن المعروف أنه يحق لأى محام عربى حسب قرارات مؤتمر المحامين العرب
الترافع أمام أية محكمة عربية وكان وفد المحامين المصريين أرسلت تعتذر عن
عدم امكانها الوفاء بوعدها "لظروف خاصة "
ومضت المحكمة المزعومة فى دورها فتولت انتداب محامين "للدفاع "عن الإخوان فماذا قال هؤلاء ؟
لقد مثلوا دورهم بابداع واتقان كبيرين
ولنأخذ بعض الامثلة على ذلك :
1. نشرت الأهرام بتاريخ 1/ 5/ 1966 خبرا صغيرا بعنوان كبير هو "مرافعات الدفاع كلها تتهم سيد قطب بالتغرير "
2. جاء فى خبر صغير عن مرافعات الدفاع نشرته الأهرام بتاريخ 2/5/66 أن المحامى عبده مراد قال فى مرافعته عن الاخ المتهم كمال سالم ما يلى : "انه لم يكن يعلم أن هذه الجماعة من الإخوان المسلمين وقد فعل ما فعل تحت تأثير استغلال الدين ومعالم فى الطريق وقال المحامى أن سيد قطب يقلب الاوضاع ويضلل الافهام "
أى دفاع هذا واية خدمة للعدالة :
حقا انها عدالة فريدة من نوعها فى التاريخ يتفق فيها الادعاء والدفاع على أحكام الاتهام وتضييق الحبل على أعناق المتهمين
3.ترافع المحامى الدكتور على الرجال المنتدب "للدفاع "عن الاخت الممتحنةحميدة قطب فقال حسبما جاء فى الأهرام بتاريخ 17/5/66
"أن حميدة قطب
كانت موصلة بين من يتحدثون بالرمز والكتابة ولكنها لا تفهم تردد كالببغاء
خذوها فى حدود ما فهمته حتى العلم وعدم البلاغ هل تبلغ ضد شقيقها ؟واضافت
الصحيفة أن المحامى المذكور قد طالب ببراءة المتمة
هل نعلق على هذا الكلام بشىء ؟ وهل يحتاج هذا الكلام الى تعليق ؟
ألا رحمى لمصر كم تبلى وكم تقاسى وما انقلاب المفاهيم فيها الا جزء
بسيط من واقع المحنة التى تعيشها مصر منذ أن استولى "البكباشى الاسمر " على
مقاليد امورها فشرد الاحرار وعذب الابرياء ونكل بالمجاهدين وهذا المحامى
الدكتور الذى تعطف وتكرم وتجاسر فطالب بتبرئة الاخت المجاهدة حميدة قطب ما أكرمه وأنبله ألم يجد هذا المحامى الدكتور شيئا يدافع به عن الكاتبة الاديبة حميدة قطب الا أن يطعن فى عقلها ويصفها بأنها ببغاء لا تفهم ولا تعقل ؟؟
الى هذا الحد بلغ انصاف محامى الدفاع ولى هذا الحد بلغت شجاعته لعل محامى الدفاع لا يعلم أن حميدة قطب
لو وجدت فرصة للكلام لردت عليه كلامه ولقنته درسا فى عزة النفس المؤمنة
ولأوضحت له أن السجن أحب اليها ألف مرة من أن تفقد كرامتها وتبيع نفسها على
مذبح التأله الناصرى
4جاء فى الأهرام بتاريخ 20/7/66 خبر يعرض مرافعات الدفاع فى القضية المتهم فيها الاستاذ حسن الهضيبى المرشد العامللاخوان المسلمين وولداه إسماعيل ومحمد المأمون وقد وضعت الأهرام للخبر المذكور عنوانا كبيرا هو " الدفاع عن الهضيبى يقول :
سيد قطب كاذب يصنع الاشاعات ليصبح له مركز وشخصية " وقد جاء فى هذا الخبر ما يلى :
"ثم ترافع حسين ابو زيد المحامى عن المرشد السابق حسن الهضيبي
فقال انه لم يكن يعرف شيئا عن عمليات الاغتيال والتخريب وقال أنه لم يكن
يعرف شيئا عن عمليات الاغتيال والتخريب وقال أنه عند محاكمته السابقة سنة 1954 شهد ضده 8 اشخاص منهم سيد قطب وهذه الشهادة تجعله فى حكم المخلوع من صفته كمرشد للإخوان
المحامى هذا كذب من رجل كاذب شهد ضد الهضيبي
فهو ينسب اليه قولا ليحصل على منصب المرشد انه صانع الاشاعات طابخ
المنشورات يريد أن يجعل لنفسه شخصية ومركزا على حساب لا شك أن الاستاذ حسين أبو زيد عبقرى كبير يفوق فى مقدرته كثيرا من زملائه المحامين الذين دافعوا عن الإخوان المسلمين ولعل هذا هو السبب الذى جعل محكمة أمن الدولة العليا تنتدبه للدفاع عن الاستاذ المرشد حسن الهضيبي ولقد تجلت عبقرية هذا المحامى الفذ فى الطريقة العبقرية التى لجأ اليها محاولا نزع صفة "المرشد العام " عن الاستاذ الهضيبي لكانها جريمة أن يحتل الاستاذ الهضيبى المنصب القيادى الاول فى الحركة الإسلامية فى مصر
ٍفالمحامى "المدافع "عنه يلتمس الاسباب والوسائل لتجريده من هذا
المنصب ولم يجد من حجة سوى ما ادعاه من شهادة ثمانية أشخاص ضد الاستاذ الهضيبى ولكن عبقرية حسين ابو زيج خانته فان الاستاذ الهضيبىالذى
افنى عن حريته البصر ان الاستاذ المرشد لم يفت فى عضده ولم يوهن من
عزيمته أن يرى كافة افراد اسرته رجالا ونساءا واطفالا يلقون فى ظلام السجون
الناصرية ويصلون العذاب الوانا لأنهم آمنوا بالله وحده ورفضوا السجود
للقزم المتاله جمال عبد الناصر وهو كذلك لا يابه لسفاهة سفيه يحاول أن ينفى عنه مسئولياته الكبار كقائد اعلى للحركة الإسلامية بحجة "الدفاع "عنه و الذود"
ثم ألم كيف يفترى هذا المحامى الكذب ؟
أن سيد قطب لم يشهد ضد الاستاذ المرشد وحاشى له ان يفعل فهو يعلم فضل الاستاذ الهضيبى وسبقه وايمانه وجهاده ولقد بلغ من حب سيد قطب للاستاذ المرشد انه كان يخاطبه دائما بقوله :
"سيدى الوالد "افياتى بعد هذا وهو من هو فى ثباته وايمانه فيشهد ضده ألا انها واحدة من أراجيف المبطلين
ثم ان عبقرية حسين ابو زيد هذا تجلت كذلك فى "اللفتة "العبقرية التى تناول بها الشهيد سيد قطب فلقد اغتنم الفرصة السانحة بأن سمع اسم الشهيد يذكره رئيس المحكمة فانبرى يكيل له السباب والشتائم بدرجة شعر معها صلاح نصار وزملاؤه من ممثلى الادعاء بالتقصير والاهمال
ولناخذ مثلا اخر من كلام الدفاع ورد خلال مناقشة رئيس المحكمة للاخ الشهيد محمد احمد عبد الرحمن 24 سنة ننقله عن الأهرام 18 /4/66 ..
الرئيس قلت فى أقوالك "انى آسف "؟
محمد عبد الرحمن لم أقل ذلك انما قلت انى آسف لما حدث
الرئيس معلهش أنا باقلك اللى قلته قبل كده ..وبعدين ابقى اعمل قمع
..بطل..أمامهم دلوقتى ..انت قلت "انى آسف واعلن ندمى على ما حدث واعلن
توبتى "؟
محمد عبد الرحمن لا يا افندم وكيل النيابة هو اللى كتب هذه العبارة ..
الرئيس ليه ..بيتشفع لك ؟
"محمد عبد الرحمن أقسم بشرفى لم أقل هذه العبارة
الرئيس المحامى بتاعك بيقولك يبقى كتر خيره اتفضل
وهذا مثل فريد من قوة "الدفاع "وحريته فى الكلام وابلائه فى دفع
التهم التى "فبركتها "المخابرات الناصرية أما ترى كيف يستبسل "الدفاع" فى
الذود عن حرية المتهمين حتى أن المحامى يشكر وكيل النيابة على كلمة اضافها
الاخير على لسان المتهم ان المحامى البليغ وهو يقول هذه الكلمة الخطيرة ..
"لو وكيل النيابة اللى قالها يبقى كتر خيره " يرتكب جريمتين خطيرتين فى حق المتهم وفى حق العدالة فهو يخون المتهم ..
لا نقول موكله لأن المحامى مفروض عليه فرضا ويحكم عليه الخناق وهو
من المفروض أن يدافع عنه ان المتهم ينكر ما نسب اليه والعالم كله يعلم أن
الاتهامات افتراءات لفقتها حكومة عبد الناصر
ولم يقم دليل واحد على صحتها ومن المفروض فى الدفاع لو كان دفاعا حقا أن
يدفع بتبيان التزييف فى الاتهامات خاصة وأن المتهم ينكر نصا يواجه به رئيس
المحكمة ويتهم وكيل النيابة باضافته ومن واجب الدفاع هنا أن يسأل وكيل
النيابة عن هذه الاضافة ويطعن فى صحة الادعاء كله قد يقول البعض أن الاضافة
فى صالح المتهم ونحن نقول غير ذلك لسببين أولهما أن وكيل النيابة وقد سمح
لنفسه أن يضيف على لسان المتهم شيئا لم يقله يحتمل أن يكون كذلك أضاف أشياء
أخرى تضر بالمتهم وقد حدث فعلا وتدل عليه وقائع المحكمة ..
والسبب أن هذه الكلمة التى أضافها وكيل النيابة تعنى أن المتهم
معترف بالتهم المنسوبة اليه مثبت لوقوعها ونادم عليها والواقع أن الاخ محمد احمد عبد الرحمن
أنكر ما نسب الىه وبين زيفه وبطلانه والمحامى البطل يسمح لنفسه أن يشد على
يد وكيل النيابة ويشكره على أن نسب الى المتهم اعترافا لم يصدر منه ..فأى
دفاع هذا وأية أمانة
والمحامى "المدافع " بسكوته عن هذه الإضافة بل بتأييده لها يخون
العدالة اذ يجعل من حق وكيل النيابة أن يضيف ما يحلو له على لسان من يقع
بين يديه من متهمين ومنطق العدالة يقضى بأن يتورع الادعاء عن تفسير كلمة من
كلمات المتهم تفسيرا قد لا يكون المتهم قصده فكيف باضافة أشياء لم يقلها
لعل القارىء يعذرنا ان اكثرنا من الامثلة عما قام به "الدفاع "
من دور فى مأساة العدالة فى بلادنا فما قصدنا الاطالة ولكن دور
الدفاع هذا هو أخطر الادوار فى المأساة فمن المعروف بداهة أن محامى الدفاع
أن يتخذ موقف "المدافع عنه " وأن يدفع عنه التهم وأن يتبنى آراءه طالما أن
المتهم منكر لما ينسب اليه قانع ببراءته منه خاصة فى مثل هذه القضية التى
يقف فيها الخصمان على طرفى نقيض متهم ومنكر أما اذا اتخذ "الدفاع " جانب
الادعاء وقنع أصلا بأن من يدافع عنه مرتكب للجريمة التى ينكرها وبنى "دفاعه
"
على هذا الاساس فهو دفاع غير امين على المتهم وعندما منعت الحكومة
المتهمين من اختيار محاميهم انما حرمتهم من الدفاع عن أنفسهم لأن المحامى
الذى يوكله المتهم يحاول جهده أن يفعل ما يريدهموكله أما المحامى الذى
تنتدبه الحكومة "للدفاع " عن الذين تتهمهم بمحاولة قلبها فيحاول أن يفعل ما
تريده الحكومة ليتقاضى أجره الحرام منها ومن مخابراتها
لقد تبين من الامثلة التى اقتطفناها آنفا أن الدفاع كان مهزلة نسيج
وحدها تفوق مزلة المحكمة بل هى الاساس الاول والعنصر الاهم فى مهزلة
المحكمة كلها وقد حرصنا فى اختيار الامثلة أن تكون من تواريخ متباعدة حتى
تعطى صورة كاملة لمل جرى طوال فترة تمثيل هذه المهزلة المبكية وحت تكتمل
الصورة وتتضح نقتطف هنا عددا من الامثلة دون أن نعلق عليها وانما نقتطفها
ليتضح أن الدفاع كله كان يقوم بهذه المأساة
جاء فى الأهرام 25/4/66 أن المحامى أحمد مختار قطب الذى اختارته المحكمة للدفاع عن سيد قطب
كى يكون من اسمه شبهة بأنه قريب له وما هو بقريب بل هو عميل قديم من عملاء
المخابرات ويشهد بذلك الاستاذ مرعى الذى دربه فى مكتبه فكان جزاءهأن تجسس
عتيه لحساب المباحث قال هذا العميل فى مرافعته
"أنا أعتقد ان هؤلاء المتهمين أولى بالرعاية والعطف ..
واعتقد أن المجنى عليه فى القضية هو رئيس الجمهورية وبعض المسؤولين ولا شك ان قلب الرئيس كبير "
جاء فى الأهرام 26/4 66 ما يلى :
1- "بدأ طلعت عبد العظيم المحامى مرافعته عن المتهم الثانى هواش بحمد الله على ان السلطات قبضت على المتهمين قبل ان يتورطوا فى مأساة "
2- ويرافع صفي الدين سالم عن المتهم الثالث على عبده عشماوي
فقال انه ينفرد بوضع خاص ذلك الوضع الذى دفعه لأن يمثل امامكم ويقول أنه
مذنب وقال المحامى أن المتهم ارشد العدالة وارشد اجهزة الامن عن كل شىء
وكفر عن جريمته "
ونقتطف من الأهرام 27/4/66 هذا المثال الفريد :
"استأنفت الدائرة الاولى فى محكمة أمن الدولة العليا برئاسة الفريق اول الدجوي الاستماع الى مرافعات عن المتهمين فى قضية قيادة التنظيم السرى لحزب الإخوان المسلمين
"وفور بداية الجلسة فى العاشرة والنصف صباحا بدا الاستاذ عبد الرؤوف على المحامى مرافعته عن المتهم صبرى عرفه الكومى قائلا :
لا شك أن الكثير من أفكار جماعة الإخوان المسلمين تمثل نوعا من ألوان التخلف عن مجاراة العصر والمناداة بتلك الآراء يجذبنا الى الماضى ويعذر علينا الخطو الى الامام ودعوة تلك الجماعة
مجردة عن البريق الدينى الذى يستر حقيقة مضمونها دعوة تؤكد قدرية وحتمية
الفوارق بين الطبقات فعلى سطح المجتمع تطفو طبقة الدسم تنعم بكل خيره وتشقى
طبقات الشعب العاملة بالعوز والضنك انتظارا للثواب جزاء على صبرها ومكافأة
لها على اذعانها واستسلامها واعادة احياء تلك الجماعة
أيام التحول الذى يجرى فى مصر لنقل الطبقات الكادحة الى مستوى انسانى لائق
لا تغيب دلالته على أحد اذ المقصود به وقف الزحف والتطور باسم الدين
والدين براء من كل شعار ينسب اليه بالزيف ليكون راية لجبهة التخلف والحق
الذى يجب ان يقال وانتم قائلوها فى حكمكم ان تلك الرؤوس احوج ما تكوت الى
توعية عقلية وتبصير منهجى وتنوير عقائدى حتى تزول تلك الغشاوة عن البصائر
والعقول فتدرك الحق وسيلته والهدف السليم والسبيل اليه "
ونحن لا نعلق بشىء على هذا الكلام وانما نؤكد للقارىء أن الذى قال هذا الكلام ان كان قاله فى المحكمة هو محامى "الدفاع " عن الإخوان المسلمين ولسنا ندرى ما1ا ترك هذا المحامى المدافع للادعاء
ثم نقتطف من نفس العدد من الأهرام 27/4/66 :
1 "ثم ترافع الاستاذ عبد الرؤوف على أيضا عن المتهم صلاح عبد الحق فقال :
انه ضحية اصطادوه وهو يصلى فى المسجد لقد غرر به كما غرر بغيره انهم
انضموا وهم لايدركون ما اخفاه عنهم من تسموا بالمسلمين غرر بهم وسلطت
عليهم أمور أكثر من ادراكهم دون فهم للغايات البعيدة فاذا اخطأوا فردوهم
الى الصف ليخط فى مسيرتنا الكبرى لقد غرر الشيخ عبد الفتاح إسماعيل بموكلى فى سن يبغى توجيها "
2 "ترافع أبو الفى حمدى "مدافعا " عن الاخ مجدى عبد العزيز فقل : انه ضحية تصيدوه ليفعل شيئا ضد طبيعته وروحه اننى أناشد المحكمة مراعاة ذلك كله مراعاة سنه وشبابه ومستقبله "
كان المحمى شوكت التونى قد صال وجال أيام محاكمة حسين توفيق وذهل الناس بجرأته وشجاعته ولكن كان له فى قضايا الإخوان موقف آخر ..موقف مخالف .. موقف متخاذل ..ونحن نتسائل لماذا ؟
لماذا كان شوكت التونى شجاعا وهو يدافع عن حسين توفيق وجبن عندما كان يدافع عن الإخوان المسلمين ؟؟
قالت الأهرام بتاريخ 28/4/66 ما يلى :
"ثم بدا شوكت التونى المحامى مرافعته عن مجدى عبد العزيز بمناقشة لكتاب سيد قطب معالم فى الطريق
فقال انه يتحدث عن الجاهلية وانى اؤكد له أنه لا جاهلية بعد محمد والإسلام
بخير واصبح ينتشر الان فى كل انحاء العالم والاشتراكية قبس من الإسلام أما
هؤلاء الشباب فانى اقول لهم "لقد تاه بكم الطريق " ....
لكن القيادة كان قصدها استغلالهم ولذلك كانت جلساتهم سرية واشاعوا أن الحكومة ستعتقلهم فخاف الشبان"
كتبت الأهرام بتاريخ 29/4/66 مرافعات شوكت التونى عن عدد من الاخو ة المتهمين ونحن نقتطف من الأهرام ما قاله هذا المحامى "مدافعا ": عن سعد الدين الشريف ..
"انضم الى الجماعة على اعتبار انها جماعة مسلمة تسعى لبناء الفرد المسلم ثم فوجىء بعلى عشماوي يحمل الى منزله خمس حقائب أسلحة ويقول له : احنا خلاص قررنا ارصطدام مع الحكومة "
هل ثمة دليل أبلغ من هذا يقدمه الدفاع على ثبوت ارتكاب الجرائم المفتراة ؟وقال المحامى نفسه مدافعا عن محمد البحيري :
"انه مثل الآخرين انضم الى الجماعة باعتبارها جماعة دينية لا تنظيما مسلحا ثم كان أن أدى بعض الافعال تحت تأثير زملائه ..
ولذلك فان ما قام به كان خارجا على ارادته وقد انجرففى هذا التيار وانحرف واستغلوا فيه الناحية الدينية ول1لك ندم على ما ارتكب "
ومن الجدير بالذكر أن شوكت التونى هذا قد "دافع عن عديد من الاخوة
ولم يجد الا أن يعيد الكلام نفسه فى قالب جديد ينضم للركب "المدافع " من
المحامينالعباقرة فى أداء هذه المهزلة المبكية
ثم نقتطف من آخر جلسات مرافعات "الدفاع " فى قضية القيادة ما ورد فى الأهرام بتاريخ 3/5/66 :
"وعلى اثر افتتاح الجلسة ترافع المحامى صلاح السهلي عن المتهمين محمد عبد المعطى وكمال عبد العزيز
وطلب التفرقة بين المتهمين لأنهم يؤلفون فئتين احداهما مضللة والاخرى راحت
ضحية التضليل والدفاع يشعر بحرج لمجرد تفكير بعض المتهمين باغتيال الرئيس
الذى تحوطه عناية الله ورعايته وفى الاوراق ما يقطع أن فكرة الاغتيال كانت
حيلة لفتح الخزائن فى السعودية
وفخا لتصيد الملك فيصل واننى أهيب بالمشرع الذى كان يعاقب بالاعدام او
بالاشغال الشاقة كل من حاول الاعتداء على الملك او الملكة أو ولى العهد
أخيب بالمشرع أن يضع نصا لحماية الرئيس فهو أولى بالحماية فالرئيس جمال
الذى اجمع الشعب على اختياره ليس ملكا لنفسه بل ملك الشعب
وبعد ان أشار المحامى الى كيفية اصطياد المتهمين باسم الدين والزج بهم فى خضم الجماعة
الارهابية والتدريب على المصارعة والاسلحة للصدام الحتمى بالحكومة قال ان
المتهمين اعلنا ندمهما ويلتمسان أن تتاح لهما الفرصة لمواصلة ابحاثهما
والسير فى ركب الثورة "
ولسنا ندرى بما نعلق على طلب المحامى الشهم ولسنا ندرى ماذا يقصد
بطلبه ان تسن عقوبة على من يحاول الاعتداء على الئيس المفدى ولسنا ندرى
ماذا تكون هذه العقوبة خاصة وأن هذا الطلب يقدم أمام محكمة أمن الدولة التى
تتهم الحركة الإسلامية دون دلائل بمحاولة اغتيال الرئيس والتى قضت
بالاعدام على سبعة نفذ الحكم فى ثلاثة منهم وقضت بالاشغال الشاقة على عدد
كبير فضلا عن أعدداد الشهداء الذين قضوا تحت سياط التعذيب فى السجون
الناصرية حقا انها اعجوبة التاريخ هذه المحكمة المنكودة
2 وفى نفس العدد قالت الأهرام :" ثم ترافع المحامى حسنين عبد الرحمن عن المتهم محمد المأمون يحيى
فقال ان واجب الدفاع لا يقف عند حد البحث عن أدلة البراءة ولا عند حد
البحث عن مواطن التخفيف املا بالرأفة ولكن يجسد أيضا لابراز الحقائق
الفكرية التى تحرر عقول هؤلاء الشباب من اثم تفكيرهم الخاطىء املا بالصعود
بهم الى أحضان الفكر السليم "
هيئة دولية تدين المحكمات المزيفة
هيئة العفو العالمية تصدر بيانا رسميا بشان محكمة سيد قطب وزملائه من الإخوان المسلمين بتاريخ 15/ ابريل 1966م
بيان هيئة العفو الدولية خلاصة تقرير قدمه مندوبها الذى ذهب الى مصر لحضور محاكمة الشهيد سيد قطب بناء على طلب لجنة الدفاع عن المعتقلين السياسين فى مصر
تقرير هيئة العفو الدولية عن محاكمات الإخوان المسلمين
سجل تقرير هيئة العفو الذى وزعته على الصحف العالمية ما يلى :
أولا :ان الهيئة العالمية طلبت تأشيرة دخول لمحام دولى لحضور
المحاكمات بصفة مراقب ولكن السلطات المصرية لم تقبل اعطاءه تاشيرة لدخول
مصر
ثانيا : ان الهيئة العالمية اضطرت لايفاد أحد أعضائها وهو عضو
بالبرلمان البريطانى الى مصر بصفته رقيبا غير رسمى نظرا لرفض السلطات
المصرية دخول مراقب مصرى
ثالثا : ان محاكمات الإخوان المسلمين فرض عليها قانون استثنائى صدر بعد وقوع الاعتقالات باثر رجعى
رابعا":المحاكم العسكرية رفضت سماع اقوال المتهمين عن التعذيب الذى
وقع عليهم خامسا : الاستاذ سيد قطب وزملاؤه من الإخوان المسلمين حرموا من
حقهم الشرعى والطبيعى فى اختيار محامين للدفاع عنهم
سادسا : ان السلطات المصرية طردت المحامين السودانيين الذين ذهبوا للقاهرة بقصد الدفاع عن الاخوان المسلمين وابعدتهم من مصر بدون مبرر
سابعا: أن السلطات المصرية خالفت قرارات مؤتمر المحامين العرب الذى
شاركت فيه نقابة المحامين بالجمهورية العربية المتحد ووافقت على قراره
باعطاء المحامين العرب الحق فى المرافعة عن المتهمين السياسين أمام القضاء
المصرى
ثامنا : ان السلطات المصرية منعت الجمهور والصحافة من حضور الجلسات وفرضت الرقابة على انباء المحاكمات و الجلسات
تاسعا : الهيئة نبهت السلطات المصرية الى ضرورة اقامة محاكمت عادلة حرصا على سمعة القضاء المصرى
هيئة العفو الدولية
بيان للصحف بتاريخ 15/4/1966
تعلن الهيئة ما يلى :
أن المستر بيتر آرشر عضو البرلمان البريطانى عن دائرة راول رجيس وتبتون وعضو المجلس التنفيذى البريطانى للهيئة العالمية لرعاية المسجونين السياسين قد عاد من القاهرة حيث قام بمهمة استطلاعية بشان محاكمة ثلاثة و اربعين عضوا من جماعة الإخوان المسلمين المتهمين بانهم حاولوا الاعتداء على الرئيس ناصر وقد قام المستر آرشر بمهمته بصفته رقيبا غير رسمى للهيئة العالمية لرعاية المسجونين السياسين وذلك لأن الهيئة سبقت ان قدمت طلبا رسميا للحصول على تاشيرة للاستاذ المحامى نيقولاس جاكوب ولكن هذا الطلب لم يصل عنه جواب الان وقد قدم المستر آرشر تقريرا فيه النقاط الآتية :
قانون استثنائى للاعتقالات دون محاكمة والمحاكمت السياسية
بمقتضى قانون خاص صدر بتاريخ 24 مارس 1964 منحت حكومة الجمورية العربية المتحدة
لرئيسا سلطة اعتقال الاشخاص بدون محاكمة بسبب الاتهامات السياسية وهؤلاء
المعتقلون السياسيون يحاكمون بواسطة محاكم تتشكل من اعضاء يعينهم الرئيس
بصفة استثنائية وفى العمل فان هذه المحاكم أخذت صفة محاكمة عسكرية وليس
لسلطتها أى حدود سوى أن الرئيس الذى شكلها هو الذى له حق التصديق على
احكامها
المتهمون يعلنون وقوع التعذيب عليهم والمحكمة ترفض سماع ذلك
اثناء نظر احدى القضايا أمام تلك المحكمة فى شهر يناير 1966 واثناء نظر قضيتين ثانيتين فى شهر فبراير 1966 تمسك المتهمون بوقوع تعذيب عليهم لانتزاع الاعترافات منهم وقد وجه هذا الاتهام الى سلطات التحقيق من جانب السيد قطب
وهو المتهم الرئيسى فى القضية الحالية ولكن رئيس المحكمة بادر فورا الى
اسكات المتهم رافضا أن يسمع منه الادلة على هذه المسألة معلنا بأن المتهمين
يكذبون
السيد قطب واخوانه حرموا من حق اختيار المحامين للدفاع عنه
ان السيد قطب وزملائه المتهمين من الإخوان المسلمين لم يسمح لهم بحرية اختيار المحامين للدفاع عنهم وفى شهر فبراير توجه اثنان من المحامين السودانين الى القاهرة للدفاع عن بعض هؤلاء المتهمين ولقد صدر قرار من مؤتمر المحامين العرب الذى عقد فى شهر نوفمبر 1965
أيدته نقابة المحامين المصرية وادمج فى التشريع المصرى وبمقتضى هذا القرار
يتمتع المحامون السودانيون بحق الترافع أمام المحاكم الدولية ورغم ذلك فان
هذين المحاميين قد طردا من مصر دون ابداء الاسباب وبدون أن يسمح لهما
بمقابلة المتهمين الموكلين لهما
منع الجمهور والصحافة من حضور الجلسات وفرض رقابة على انباء المحاكمت..
ان الصحافة والجمهور قد منعوا من حضور الجلسات منذ أن تمسك المتهمون
بوجود التعذيب فى الجلسة لأول مرة وتبعا لذلك فان أنباء المحاكمت كانت
تخضع لرقابة الجهات الحكومية وان مستر آرشر نفسه قد عجز عن الحضور الى
الجلسات وان كان من الانصاف القول بانه قد تلقى دعوة ليبقى فى القاهرة انتظارا لبحث طلبه وبدون اى حكم من جانبنا بشأن براءة المتهمين او ادانتهم فان الهيئة العالمية لرعاية المسجونين السياسين
تعلن اسفها العميق لكون الظروف التى أحاطت بتلك المحاكمات لا يمكن الا ان
تؤيد الادعاء بوجود التعذيب وبانها تلقى الشك على حياد القضاء المصرى
الهيئة تدعو الحكومة المصرية لاقامة محاكمات عادلة حرصا على سمعتها الدولية
وان الهيئة االعالمية لرعاية المسجونين السياسين
تدعوا لحكومة المصرية الى احترام الحقوق الإنسانية الاولية للمتهمين
السياسين والى ضرورة اقامة محاكمات عادلة حرصا على سمعتها الدولية
غارة على الإسلام
اقتطفنا ذلك كله من الكلمات الموجزة والنتف البسيطة التى نشرتها الأهرام
من مرافعات محامى الدفاع عن أبطال الحركة الإسلامية ولا شك ان المحكمة قد
حفلت بالكثير من الاعاجيب التى قام بها هؤلاء المحامون مما لم تنشره الأهرام
ولم تنشره بقية الصحف المصرية والذى يقرأهذا كله يستطيع أن يستشف ما وراءه
من اعاجيب تنفطر لها الافئدة وتبكى لها القلوب قبل العيون ونتسائل :
لماذا تفرد حكومة البكباشى الغادر الإخوان المسلمين بهذه المعاملة ؟
لماذا تركز الهجوم على الإخوان المسلمين بينما تصدر قرارات العفو عن الجواسيس الذين يعملون لحساب اسرائيل ؟
لماذا تنفرد مصر من بين دول العالم أجمع بتعليق رجالات الفكر فيها على أعواد المشانق هل هو حقد شخصى يضمره عبد الناصر ضد بعض رجال الإخوان ؟
هذا محال فليس من المعقول أن يكون الحقد الشخصى سبب قتل عبد الناصر
لشخص ظل حبيس سجنه أحد عشر عاما ولو كان الحقد الشخصى سبب ذلك لتمت جريمة
القتل فور ظفر "الرئيس الملهم " بعدوه الشخصى ولما احتاج الامر الى سنة
طويلة من تعذيب الشباب الاطهار وشن حملات الدعاية والتشهير المسموم ولما
اقتضى الامر تأليف محكمة هى سبة فى جبين العدالة لو أن جمال عبد الناصر يريد التخلص من خصم لقتله فور القبض عليه كما فعل "السلال " فى أخصامه من اعدامهم بعد اسبوع واحد من القبض عليهم
1-نذكر مثلا واحدا فى هذا المجال : بمناسبة زيارة عبد الحكيم عامر لفرنسا اصدر جمال عبد الناصر قرارا باعتبار قضية التجسس الخاصة بالمكتب التجارى الفرنسى فى القاهرة كأن لم تكن ..انظر نسرتنا : عندما يصبح الاستعمار الفرنسى فتحا ثوريا
ولكن البكباشى يريد شيئا آخر ابرزته مرافعات "الدفاع " عندما انصبت كلها تشتم الشهيد سيد قطب وتتهمه بالتضليل والتغرير وأبرزته كذلك عندما عزفت كلها على نفس الوتر وهو أن " شباب الإخوان كانوا مخدوعين بشعارات الدين وبدافع من ايمانهم وعقيدتهم "
ان وراء هذا الترتيب حقيقة اساسية هى أن المحامين فى مصر ومن ورائهم
جميع القوى المعادية للاسلام قد جعلوا هدفهم الاول استئصال الإسلام من أرض
الكنانة الطاهرة لذلك فهم يريدون أن يغرسوا فى عقول الناشئة وفى عقل كل
مواطن ان كل من يرفع شعار الدين شخص مضلل يهدف من وراء دعوته الى كسب شخصى
أو مغنم مادى وهم يريدون كذلك ان يفهموا كل مؤمن بالله وحده أن مصيره سيكون
مصير الإخوان المسلمين ان هو ثبت على دينه واصر على رفض السجود للحكام يبرز ذلك ويؤكده الحقيقة الاساسية فى الحملة الاخيرة على الإخوان وهى أن الهجوم انصب اولا وقبل كل شىء على الإسلام عن طريق التشهير بالشهيد سيد قطب وكتابه القيم "معالم فى الطريق "
والشهيد سيد قطب عاش عمره كله لا يملك سلاحا يدافع به عن عقيدته ودعوته الا قلمه وبيانه وهذا هو السبب فى ان زمرة الحاقدين ابتداء من جمال عبد الناصر
الى أصغر صحفى لم يستطيعوا ان يجدوا منفذا يهاجمون منه الرجل الا أن
يصطادوا كتبه ويحرموا تداولها ثم يفتروا ما شاء لهم الافتراء وينسبوا اليه
اقوالا لم يقلها وكلاما لم يكتبه ولو انصفوا لتركوا كتبه فى الاسواق يطلع
عليها من يشاء ويحكم بنفسه عاى ما يقولون ولكنه الجبن والخوف من أن يعرف
الشعب الحقيقة،
ونحب ان نتساءل لماذا اختص الطغاة كتاب "معالم فى الطريق " بحملة هجومهم الآثمة ؟؟
ولماذا جعلوه هدفا من أهداف حملتهم الظالمة على الحركة الإسلامية فى مصر ؟؟؟
ألا انها القوة التى سطر بها الشهيد البطل كلماته الرائعة والحجة
التى تفل كل حجة والبيان الذى تتضاءل امامه كل العقائد والتصورات والقيم
والافكار التى لم تنبسق من شريعة الله ..الا انه الوضوح الذى سكب فيه
المؤلف الشهيد معالم العقيدة الإسلامية والجرأة التى رسم بها طريق الدعاة
الى الله لقد أذهل الكتاب كل اعداء الإسلام لأنه يضع بوضوح وجلاء معانى
الإسلام ويبين بلغة العصر معنى الايمان ودربه الطويل اللاحب ..
كما ذهل أعداء الإسلام من النتيجة التى يعود بها الكتاب اذا ما ضم
الى اشقائه من الكتب الإسلامية الصحيحة فقد لمسوا آثاره فى الاستجابة
القوية من الشباب الواعى الناضج لطريق الحق والثبات الذى أبداه هؤلاء
الشباب واذى يعيد الى الاذهان امثلة الصدر الاول من الصحابة الاجلاء امثال
عمار وبلال وخباب وسمية وياسر والسبب بعد هذا هو ما يقرره الشهيد البطل فى
وضوح وجلاء من انه لا مهادنة ولا مساومة مع الجاهلية والجاهلية هى محاربة
الإسلام وما يؤكده مرارا وتكرارا من انه يجب على دعاة الإسلام
ان يرفضوا دائما المحاولة الماكرة التى يلجا اليها اعداء الإسلام
لخداعهم وجعلهم يسيرون بعض الخطوات فى طريق الجاهلية موهمينهم أنهم يسايرون
الجاهلية لتحويلها بعد بضع خطوات الى الإسلام والمؤلف الشهيد يفضح هذه
المحاولة الخبيسة ويبين لدعاة الإسلام انهم عندما يستجيبون لها يفقدون
الإسلام كله ان هذا التبيان قد انخلعت له قلوب الطغاة الذين يحاولن دائما
أن يلبسوا حكمهم وانظمتهم الجاهلية مسوحا اسلاميا ويقولن ان الاشتراكية من
الإسلام او أن الرأسمالية من الإسلام واتضاح زيف ذلك يعنى ان يفقد الطغاة
رصيدهم عند الشعوب المؤمنة لأن الناس لا يملكون الا ان يستجيبوا للاسلام
عندما يخلى بينهم وبينه .ومعنى انتصار الإسلام زوال كل الطغيان بجميع صوره.
"هذه الحقيقة ينبغى ان تكون من القوة والوضوح فى نفوسنا ونحن نقدم
الإسلام للناس بحيث لا نتلجلج فى الادلاء بها ولا نتلعثم ولا ندع الناس فى
شك منها ولا نتركهم حتى يستيقنوا ان الإسلام حين يفيئون اليه سيبدل حياتهم
تبديلا ..سيبدل تصوراتهم عن الحياة كلها .
كما سيبدل اوضاعهم كذلك . سيبدلها ليعطيهم خيرا منها بما لا يقاس .
سيبدلها ليرفع تصوراتهم ويرفع اوضاعهم ويجعلهم أقرب الى المستوى الكريم اللائق بحياة الإنسان .
ولن يبقى لهم شيئا من اوضاع الجاهلية الهابطة التى هم فيها اللهم
الا الجزئيات التى يتصادف ان يكون لها من جزئيات النظام الإسلامي شبيه .
وحتى هذه لن نكون هى بعينها لأنها ستكون مشدودة الى أصل كبير يختلف اختلافا بينا عن الاصل الذى هم مشدودون اليه الآن :
اصل الجاهلية النكد الخبيث وهو فى الوقت ذاته لن يسلبهم شيءا من المعرفة "العلمية البحتة " بل سيدفعها قوية الى الامام .
"يجب أن لا ندع الناس حتى يدركوا أن الإسلام ليس هو اى مذهب من
المذاهب الاجتماعية الوضعية كما انه ليس أى نظام من أنظمة الحكم الوضعية ..
بشتى اسمائها وشعاراتها وراياتها جميعا .
وانما هو الإسلام فقط ..الإسلام بشخصيته المستقلة وتصوره المستقل
واوضاعه المستقة . الإسلام الذى يحقق للبشرية خيرا مما تحلم به كله من وراء
هذه الاوضاع . الإسلام الرفيع النظيف المتناسق الجميل
" وحين ندرك حقيقة الإسلام على هذا النحو فان هذا الادراك بطبيعته
سيجعلنا نخاطب الناس ونحن نقدم لهم الإسلام فى ثقة وقوة وفى عطف كذلك ورحمة
..
ثقة الذى يستيقن أن ما معه هو الحق وأن ما عليه الناس هو الباطل .
وعطف الذى يرى شقوة البشر وهو يعرف كيف يسعدهم . ورحمة الذى يرى ضلال الناس
وهو يعرف أين الهدى الذى ليس بعده هدى
" لن نتدسس اليهم تدسسا ولن نربت على شهواتهم وتصوراتهم المنحرفة ..
سنكون صرحاء معهم غاية الصراحة ..هذه الجاهلية التى انتم فيها نجس والله
يريد ان يطهركم ..
هذه الاوضاع التى انتم فيها خبث والله يريد ان يطيبكم ..هذه الحياة
التى انتم تحيونها دون والله يريد ان يرفعكم ..هذا الذى انتم فيه شقوة وبؤس
ونكد والله يريد أن يخفف عنكم ويرحمكم ويسعدكم ..
الإسلام سيغير تصوراتكم واوضاعكم وقيمكم وسيرفعكم الى حياة أخرى
تنكون معها هذه الحياة التى تعيشونها والى اوضاع اخرى تحتقرون معها أوضاعكم
فى مشارق الارض ومغاربها والى قيم اخرى تشمئزون معها من قيمكم السائدة فى
الارض جميعا واذا كنتم انتم لشقوتكم لم تروا صورة واقعي للحياة الإسلامية
لأن اعداءكم أعداء هذا الدين يتكتلون للحيلولة دون قيام هذه الحياة ودون
تجسد هذه الصورة فنحن قد رأيناها والحمد لله ممثلة فى ضمائرنا من خلال
قرآننا وشريعتنا وتاريخنا وتصورنا المبدع للمستقبل الذى لا نشك فى مجيئه "
2- معالم فى الطريق فصل "نقلة بعيدة "
لهذا الكلام قتل سيد قطب .
انه لم يقتل لسبب من الاسباب التى يرددها المبطلون فتلك اسباب لا تعرف سيد قطب ولا يعرفها .
لم يكن سيد قطب فى يوم من الايام يؤمن بالاغتيال والتخريب وانما عاش حياته كلها يؤمن بان الاوضاع لا تغير ولا تصلح الا بالفكرة والاقتناع .
ولذلك عاش يقرا أربعين سنة ثم عاش يكتب عشرين سنة . وهو يحدثنا عن ذلك فيقول :
" ان الذى يكتب هذا الكلام انسان عاش يقرا اربعين سنة كاملة . كان
عمله الاول فيها هو القراءة والاطلاع فى معظم حقول المعرفة الإنسانية ..
ما هو من تخصصه وما هو من هواياته .. ثم عاد الى مصادرعقيدته وتصوره
. فاذا هو يجد كل ما قرأه ضئيلا الى جانب ذلك الرصيد الضخم وما كان يمكن
ان يكون الا كذلك وما هو بنادم عاى ما قضى فيه اربعين سنة من عمره .
فانم عرف الجاهلية عى حقيقتها ز وعلى انحرافها . وعلى ضآلتها . وعلى
قزامتها .. وعلى جعجعتهاوانتفاشها وعلى غرورها وادعائها كذلك وعلم علم
اليقين انه لا يمكن أن يجمع المسلم بين هذين المصدرين فى التلقى
" ومع ذلك فليس الذى سبق فى هذه الفقرة رايا لى ابديه .. ان الامر
اكبر من ان يفتى فيه بالراى .. انه أثقل فى ميزان الله أن يعتمد المسلم فيه
على رأيه انما هو قول الله سبحانه وقول نبيه صلى الله عليه وسلم .. نحكمه
فى هذا الشان ونرجع فيه الى الله والرسول كما يرجع الذين آمنوا الى الله
والرسول فيما يختلفون"
ماذا كانت جريرتهم ؟
ثم ماذا كانت جريرة الشهيدين محمد يوسف هواش وعبد الفتاح إسماعيل ؟؟
ان كل ما نشرته الدعاية الناصرية عن الشهيد محمد يوسف هواش
وما قذفته به من تهم وزعمت أنه فعله لا يكفى فى اية شريعة من الشرائع أو
قانون من القوانين التى عرفتها البشرية للحكم عليه بالسجن يوما واحدا فكيف
بالحكم عليه بالاعدام وكيف بتنفيذ الحكم ؟؟؟
ان كل ما قالته الدعاية الناصرية عنه يتلخص فى كلمة واحدة هى " ان الشهيد سيد قطب رشحه ليكون خلفا له فى قيادة الجماعة ان هو اعتقل " قد يعجب الكثيرون ولكن هذه الصحافة المصرية أمامكم فارجعوا اليها وانظروا اليها .
انكم لن تجدوا اسم الشهيد محمد يوسف هواش ذكر مرة واحدة فى كل ما
نشرت الصحافة المصرية من ادعاءات ومفتريات الا عند صدور قرار الاتهام .
عندها فقط وعندما وجدت الصحافة الناصرية نفسها مضطرة للحديث عن هذا "
الارهابى " الذى اكتشفته " النيابة " فجأة وزجت به فى صفوف المتهمين
واحلته المقام الثانى بعد سيد قطب
وطالبت باعدامه ...عندها فقط تنبهت الصحافة المصرية الى تقصيرها وبدات
تحمل عليه وتنبذه بأقذع النعوت غير انها فى كل ذلك لم تستطع ان توجه اليه
تهمة واحدة أ قولا واحدا يكفى للحكم عليه بالسجن يوما واحدا .
من تاريخه
ولعل الكثيرين يتساءلون من هو محمد يوسف هواش
ونقول انه واحد من الشباب الكثيرين الذين عملوا للاسلام بصمت وضحوا فى
سبيله بكل شىء لم يبتغوا من تضحياتهم شهرة ولا منصبا بل تركوا أجرهم لله
فعنده خير الجزاء دخل السجن عام 1954
وهو فى الحادية والثلاثين واحدا من الالوف المؤلفة من جنود الحركة
الإسلامية لكنه سرعان ما اشتهر بين المساجين بالصبر والجلد وبالايمان
العميق الاصيل لذلك لم يكن عجيبا أن يصدر الحكم عليه بالسجن خمسة عشر عاما
ولم يخيب الشهيد محمد يوسف هواش
ظن قضاته فقد كان ايمانه يزداد قوة على اشتداد المحنة واستمرارها وأصيب
وهو فى هذه السن بأمراض تفل الحديد غير أنه صبر على البلوى والمرض كما صبر
على السجن وعندما ساءت حالته الصحية وتدهورت بحيث تأكد الحاكمون فى مصر أن
هذا الرجل لن يستطيع أن يقوم بأى عمل وهو يعانى ما يعانى من الامراض افرجوا
عنه فى شهر أغسطس 1964 اى بعد الافراج عن سيد قطب باربعة أشهر وبعد أن قضى فى السجن أكثر من عشر سنوات ووضعته السلطات تحت المراقبة كما يفعلون مع كل من يفرج عنهم من الإخوان المسلمين
خرج محمد يوسف هواش
بعد سجن عشر سنين وقد فهم حقيقة الدعوة الإسلامية وخبر طريقها وعرفه معرفة
من سار على أشد أجزائه وعورة واختاره على متع الحياة الدنيا وعرضها الزائل
لذلك لم يكن عجيبا أن يكون من أوائل الذين شملتهم موجة الاعتقالات الاخيرة
ولكن اعجب ما فى اعتقاله أنه اعتقل فى اغسطس 1965
ثم افرج عنه بعد يومين ثم اعتقل مرة اخرى بعد يومين آخرين ليكون المتهم
الثانى فى قضية الحركة الإسلامية فى مصر وليكون الشهيد الثانى فى قافلة
الخالدين ونحن لا نعرف سببا لهذا الاجراء العجيب وان كنا نعرف سبب تنفيذ
حكم الإعدام فى الشهيد محمد يوسف هواش واخويه سيد قطب وعبد الفتاح إسماعيل وناخذه مما كتبته الأهرام صبيحة تنفيذ الأحكام 29/8/1966 :
"وعلم مندوب الأهرام انه بالنسبة للثلاثة الباقين من المحكوم عليهم بالإعدام :
سيد قطب ومحمد يوسف هواش وعبد الفتاح إسماعيل فلقد كان من الصعب الاستناد الى أية دواع للتخفيف فلقد سبق اشتراكهم جميعا فى مؤامرات ارهابية سنة 1954كما
سبق الحكم عليهم وبالرغم من العفو بعد ذلك عفوا كاملا فلقد كانوا من
الرؤوس المنظمة والمحرضة والمدبرة لكل المؤامرات التى استوجبت المحكمات
التى صدرت بشأنها الاحكام الاخيرة "
هذه اذن أسباب قتل الشهداء الاطهار :
انهم صمدوا للسجون ولم يتزحزحوا عن عقيدتهم ..
انهم لاثروا ما عند الله على ما عند جمال عبد الناصر .
ولو أنهم رضوا أن يبيعوا دينهم بدنياهم لنعموا ولاصبحوا فى طليعة الركب الثورى التقدمى الم يرفض سيد قطب ست مرات خلال فترة سجنه الاولى 1954-64 منصب السكرتير العام لهيئة التحرير لأنهم يريدونه أن يكتب كما يكتب الصحفيون المنافقون ؟؟
اذن فليشنق وليشنق معه كل من كان على شاكلته وليترك الآخرون فى
السجون الى أن يموتوا من التعذيب والتنكيل ثم لتشرد اسرهم ولتضطهد عائلاتهم
فهذا جزاء كل من يخالف عن امر الرئيس المتاله
كذب الأهرام
ونود هنا ان نستطرد قليلا لنبين كذب دعوى الأهرام فى المقتطف الاخير فقد زعمت الأهرام أن الشهيد عبد الفتاح إسماعيل لم يحاكم ولم يصدر عليه اى حكم من قبل وان كان قد اعتقل ومكث فى المعتقل اكثر من عامين حيث افرج عنه فى أواخر عام 1956
انظر الأهرام 14-4-1966
الشهيد عبد الفتاح إسماعيل
وللشهيد عبد الفتاح إسماعيل قصة اخرى مشابهة لقصة أخيه الشهيد محمد يوسف هواش فهو تاجر بسيط فى كفر البطيخ عرف بالاستقامة والورع منذ نشأته ولبنى نداء الدعوة الإسلامية وهو شاب ثم دخل السجن مع شبابها عام 1954
وهو فى الثلاثين لم يحكم ولم يتهم بشىء وانما ظل حبيس السجن مثل الالاف من
الشباب اكثر من سنتين لم يزده السجن الا ايمانا عرف بكثرة تعبده ومحاولته
عندما تسمح ظروف السجن القاسية ان يجلس الى المتفقيهين من اخوانه يدارسهم
امور دينهم وكان ذكيا فما لبث ان بلغ شأوا كبيرا من التفقه والعلم
اتاحت له فترة السجن تعمقا أكثر فى أمور الدعوة وفى امور العقيدة
فما لبث بعد خروجه أن بدأ يجمع حوله بعض الشباب ممن يتوسم فيهم الخير ويبين
لهم واقع الحياة وانه لا منجاة من الشقوة التى يعيش فيها العالم اليوم الا
بالإسلام وكان مخلصا فما لبث ان استجاب له عدد من الشباب الذين تحلوا
بالفكر النير والعقل الواعى ..
بدأوا يدرسون الإسلام ويتفهمون معانيه ويدركون عمقه وسطحية العقائد
الأخرى وصوابه وشذوذها واستقامته وانحرافها فعملوا بما فهموا وقرروا أن
يعملوا عل انقاذ اهليهم ومواطنيهم ودعوتهم الى الله بالطريق القويم الذى
سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
طريق الفكرة والاقناع والحجة والبيان .. لا يردهم عن ذلك عدو ولا يثبطهم معوق،
كان عبد الفتاح إسماعيل
مثلا حيا لاخوانه هؤلاء راوه لا يالوا جهدا ولا يدخر تضحية فى سبيل دعوته
وراوه لا يحفل بشىء من هذه الدنيا الا بابلاغ دعوته واداء واجبه لذلك كان
ايمانهم عميقا وشجاعتهم نادرة المثال وهذه المظاهر نفسها هى السبب الذى دعا
عبد الناصر وحكومته الى سجن عبد الفتاح إسماعيل
وصب العذاب عليه الوانا .. ثم الافتيات عليه وتقديمه الى محكمة هزلية ثم
الى اعدامه لينضم الى ركب الشهداء الابرار ولهذه الاسباب نفسها كانت
محاكمته مثل محاكمة اخيه محمد يوسف هواش مقتضبة لم تزد كل منهما عن نصف ساعة ولنأخذ من كلام الأهرام ما يثبت كلامنا ويؤكده فقد جاء فى الأهرام 14- 4- 1966 فى عرضها لمناقشة المحكمة كلا من المتهمين علي عشماوي وعبد الفتاح إسماعيل ما يلى :
" رئيس المحكمة – ايه الحكاية ال 20 ألف جنيه اللى يتهموك انك خبطتها ؟
عبد الفتاح إسماعيل – هذه شائعة ز كان يبان على .
كان يكون لى عربية او ملك . الرئيس – ده انت الملك يا ابنى بت بيعه .
انت كان لك نصف بيت وايحايلت على أخوك يشتريه علشان تصرف الفلوس على الإخوان الهدف من التنظيم ايه ؟
عبد الفتاح – تربية أمة مسلمة
وشهادة رئيس المحكمة هذه –على ما فيها – تكفى عبد الفتاح إسماعيل وتبين للعالم أن هذا الرجل انما قتل لايمانه العميق ولاخلاصه وتجرده وتفانيه .
غير أن فى كلمة رئيس المحكمة شيئا آخر . شيئا يصفع الحاكمين فى مصر ويصفع محكمتهم التى شكلوها لمحاكمة الإخوان ويصفع نيابة أمن الدولة اذ ان هذه الكلمة التى قالها رئيس المحكمة وكتبتها الأهرام تكذب ما قاله رئيس النيابة قبل ثلاثة أيام فقط فى قاعة المحكمة نفسها ونقلته الأهرام على لسانه بتاريخ 11-4-1966 ما يلى
" أعلن صلاح نصار
رئيس نيابة أمن الدولة ان مجموع المبالغ التى تلقاها التنظيم السرى من
الخارج لتمويل عمليات التخريب والاغتيال وقلب نظام الحكم فى مصر بلغت حوالى
10 ألف جنيه 94924 جنيها بالضبط الى ان تم القبض على أعضاء التنظيم ....
وفى عام 1964 استدعى – اى علي عشماوي – الى السعودية بواسطة مجموعة الإخوان الهاربين .... ثم شرحوا له كيف جاءهم عبد الفتاح إسماعيل وقبض أربعة آلاف جنيه ليدبر انقلابا فى مصر ولم يفعل شيبئا . ثم جاء مرة أخرى يطلب 20 الف جنيه ولكنه تكلم كثيرا بحيث شاع السر .."
ونحن نسال المحكمة رئيسها ورئيس النيابة فيها لماذا يضطر رئيس تنظيم الإخوان الى بيع ملكه – وكل مله نصف بيت – ليصرف على التنظيم كما قال رئيس المحكمة طالما أن الاموال تتدفق على التنظيم من السعودية ؟؟
وماذا يغنى نصف البيت وصاحبه قبض أربعة آلاف جنيه وتنظيمه قبض مائة ألف ؟؟؟
لعلها كانت زلة من رئيس المحكمة عندما كشف هذا السر أو لعلها كانت زلة من الأهرام
عندما نسيت أن تحذف هذه الكلنة من كلام رئيس المحمة فى جملة ما تحذفه
لتشويه كل موقف جرىء وكل موقف مؤمن ولتطمس الحقيقة وتسدل عليها ستارا كثيفا
من النسيان .
ولكنها على كل حال حكمة الله العلى الكبير التى جعلتهم يكشفون بأيديهم والسنتهم ما يصنعون من اباطيل .
ويكشفون أنهم انما أعدوا هذه المسرحية للتنكيل بهذه بدعاة الإسلام وتعليقهم على المشانق .
لقد ضحك الناس من فرية المائة ألف هذه مثلما ضحكوا من فرية أن الإخوان "عملاء " للحلف المركزى فقد زعمت الحكومة كذلك أن الإخوان يريدون –اغتيال سفراء أمريكا وبريطانيا وفرنسا والاتحاد السوفياتى .
لكأن أمريكا وبريطانيا ارادتا التخلص من سفيريها فى مصر فاعطتا الإخوان الاموال ليخططا لاغتيالهما
سلق المحاكمات إحصائية طريفة
لو أردنا ان نحصى الامثلة على جنوح المحكمة وعلى كونها ستارا أعده
المبطلن لحرب الإسلام والتشهير باهله لاحتجنا الى مجلدات ولكننا نضرب أمثلة
تبين جوانب من هذه الحرب ليفهم كل حر وعا قل أبعاد هذه
الغارة على الاسلام وليدركوا انما المقصود بهذه الحرب كل من يؤمن بلا اله
الا الله ولنأخذ هذه الامثلة :
1 – نأخذ من صحيفة " الجمهورية " القاهرية من عددها الصادر بتاريخ 19-4-1966 احصائية عن وقائع جلسة الدائرة الاولى لمحكمة أمن الدولة التى يرئسها الفريق اول محمد فؤاد الدجوى والتى انعقدت فى اليوم السابق 18-4-66 لمتابعة نظر قضية " قيادة التنظيم السرى للاخوان المسلمين ":
- بلغت مدة الجلسة من غير الاستراحات ساعتين وأربعين دقيقة .
- تمت مناقشة ثمانية عشر متهما فى هذه الجلسة .
- كان متوسط نصيب المتهم الواحد عشر دقائق ونصف منها ست دقائق لرئيس المحكمة واربع دقائق ونصف للمتهم هكذا قالت الجمهورية .
- يستقطع من ذلك الزمن الذى يستغرقه دخول متهم الى القفص وخروج المتهم فاذا ما علمنا أن مناقشة الاخ عبد الفتاح الشريف وهو أحد المتهمين الذين ناقشتهم المحكمة فى هذه الجلسة بلغت أربعين دقيقة فماذا يكون نصيب الفرد الواحد من بقية المتهمين ؟؟؟
ولعل كلمات رئيس المحكمة للاخ عبد الفتاح الشريف فى بدء محاكمته تعطينا صورة عن طبيعة هذه السرعة الفائقة فقد قالت الأهرام-19-4-1966 ما يلى:
" ونودى على المتهم عبد الفتاح الشريف انت عاوز لك يوم لوحدك .. والا على ايه
عبد الفتاح الشريف – قصتى طويلة .
رئيس المحكمة – لأ بيتهيأ لك ".
بقى أن نعرف ان الاحكام التى صدرت بحق هلاء الاخوة الثانى عشرة عاما
مع الاشغال الشاقة على ثلاثة وبالاشغال الشاقة مع السجن عشر سنوات على
الثلاثة الباقين .
ألافلتحيا العدالة وليحيى هذا الاهتمام بالإنسان وبحرية الإنسان وكرامة الإنسان وحياة الإنسان
2-ولم تكن هذه السرعة فى محاكمة الإخوان والتخليص عليهم قاصرة على الدائرة الاولى برئاسة الدجوى وانما كانت طبيعة كل المحاكمات امام كل الدوائر فقد حاكمت الدائرة الثانية مثلا التى كان يرئسها الفريق على جمال محمود اثنى عشر أخا فى جلسة واحدة .
ولتبيان طريقة " السلق " نقتطف محاكمات بعض الاخوة كاملة كما جاءت فى الأهرام 28-4-66 :
المتهم وهبة المنشاوى
رئيس المحكمة – انت كنت من الإخوان ؟
وهبة –أيوه واعتقلت سنة 54 وصدر ضدى حكم ب 10 سنوات مع ايقاف التنفيذ .
الرئيس – طيب عاوزين نسمع منك تفاصيل طلب احمد عبد المجيد منك انت تتعلم مهنة الزنكوغراف .
وهبة – أحمد قال عاوز يدرس الزنكوغراف وأنا لقيت طلبه غريب "
انتهت محاكمة الاخ وهبة المنشاوى على هذه الشاكلة ومن الجدير بالذكر أن المحكمة قد حكمت عليه بالاشغال الشاقة ثمانى سنوات .
- " المتهم الخامس عشر عبد الكريم الطويل
رئيس المحكمة
–عرفت الفرماوى ازاى ؟
عبد الكريم
– على عشماوى طلب منى أن ابحث عن قطعة ارض يعملها مزرعة مواشى فانا قلت له ابقى ابعث لى حد يستفر منى عنها لأنى مش فاضى فأرسل الفرماوى .
الرئيس
– قريتم كتاب معالم فى الطريق ؟
عبد الكريم
– أحمح فؤاد قراءة مرة واحدة ."
وبذلك انتهت محاكمة عبد الكريم الطويل وصدر الحكم عليه بالسجن مع الاشغال الشاقة 10 سنوات
3- وحاكمت الدائرة الثالثة التى رأسها اللواء طلعت حسن ثلاثة عشر متهما من الاخوة الاطهار فى جلسة واحدة .
ونقتطف منها مناقشتها كاملة كما جاءت فى الأهرام 4-5-66 للاخ حسين عليوه محمود مدرس بالزقازيق وعمره 34 سنة :
حسين عليوه
– أيوه .. رئيس المحكمة
– تعرف حلمى منصور ؟
الرئيس
– حلمى منصور عرض عليك وعلى سيد عوض ومحمد حسن لنكم تجتمعوا لقراءة القرآن
حسين عليوه
– هو طلب منى المساهمة لشراء الكتب
الرئيس
– حد فاتحك علشان تصيف فى بلطيم سنة 64 ؟
حسين عليوه
– سيد عوض جه زارنى وقال لى أنا رايح أصيف وقلت له أنا لو ما كنتش عيان كنت جيت معاك "
ثم اصدرت المحكمة حكمها على الاخ حسين عليوه
هذه الاسئلة فقط 3 سنوات مع الاشغال
ولعلنا بعد هذا كله اوضحنا طبيعة المعركة وأهدافها وأبعادها وغاياتها ولعله
لم يبق لدى أحد شك فى أنها انما تهدف القضاء على الإسلام وابادة دعاته
ولكننا نريد ان نطمئن الجميع بأن الإسلام أقوى من أن يستطيع جمال عبد الناصر وأسياده أن يستأصلوه واثبت من أن يستطيع المبطلون أن يشوهوه ."
ان نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون " وصدق الله العطيم ولنردد مع شاعر المحنة
تالله ما الدعوات تهزم بالاذى
-
-
-
-
- ابدا وفى التاريخ بريمينى
-
-
-
ضع فى يدى القيد ألهب أضلعى
-
-
-
-
- بالسوط ضع عنقى على السكين
-
-
-
لن تستطيع حصار فكرى ساعة
-
-
-
-
- أو نزع ايمانى ونور يقينى
-
-
-
فالنور فى قلبى وقلبى فى يدى
-
-
-
-
- ربى وربى حافظى ومعينى
-
-
-
سأعيش معتصما بحبل عقيدتى
-
-
-
-
- وأموت مبتسما ليحيا دينى
-
-
-
مواقف جريئة
ورغم كل هذا ورغم التعذيب والارهاب فقد كان ثمة مواقف شجاعة جريئة من
الاخوة المرابطين المجاهدين تصفع الطغيان وتبين افتياته وافتراءه .
ومع أن الدعاية الناصرية بذلت جهدا فى طمس الحقائق والمواقف الشجاعة
الجريئة ومع أن المحكمة جاءت بعد سنة من التعذيب الطويل الذى يضعف القلوب
ويفتت الصخور ومع كل هذه المحاولات تفلتت شذرات فى ابواق الدعاية الناصرية
نفسها تكفى لاعطائنا صورة عن مواقف البطولة التى وقفها الاخوة الممتحنون
فلقد مر بنا مثلا كيف واجه الشهيد سيد قطب المحكمة واتهم السلطات بتعذيب الإخوان وكيف حاول رئيس المحكمة اسكاته بالشتائم ومر بنا كذلك كيف اجاب الشهيد عبد الفتاح إسماعيل على سؤال رئيس المحكمة عن الهدف من التنظيم بأن الهدف " تربية أمة مسلمة ".
ونحن ناخذ هنا امثلة اخرى :
1- فى محاكمة الاخ صبري عرفة الكومي ذكرت الأهرام 15-4-1966 ما يلى :
" رئيس المحكمة الدجوى الهدف من التنظيم ايه ؟
صبري عرفه – تربية صف مسلم ليكون أساسا لمجتمع مسلم " ومن اجدير بالذكر ان المحكمة حكمت على الاخ صبري عرفه بالإعدام ثم غير الحكم الى الأشغال الشاقة المؤبدة .
2- روت الأهرام 18-4-1966 مناقشة المحكمة للاخ مبارك عبد العظيم الذى حكم عليه بالاشغال الشاقة المؤبدة وقد جاء فيها :
رئيس المحكمة الدجوي
– قل لنا بدء صلتك بالتنظيم الحالى .
مبارك
– بدأت فى أواخر 62 عن طريق الشيخ عبد الفتاح إسماعيل ..
والشيخ عبد الفتاح بالتالى أوصلنى لعلي عشماوي وبدأت أتعاون معه على أساس الارتباط بفكرة وعقيدة دينية .
والشخص الوحيد اللى يمكن أرتبط به هو الرسول الكريم والكتاب الوحيد اللى يمكن أن ألتزم به هو كتاب الله "
ومن الجدير بالذكر ان الاخ مبارك عبد العظيم قد حكم عليه سنة 1954 بالسجن خمس سنوات ولكنه قضى اكثر من مدة العقوبة اذ لم يفرج عنه حتى عام 1960 كى " يكمل دراسته " كما قالت الأهرام وحكم عليه هذه المرة بالاشغال الشاقة المؤبدة
3- حاكمت الدائرة الثانية برئاسة الفريق على جمال محمود 46 من الإخوة الابرار وصفتهم بانهم تنظيم القاهرة وجىء بالمتهم الاول الاخ كمال الفرماوي 27 سنة ليساله رئيس المحكمة فى المتهم الموجهة اليه .
" باسم الله فتحت الجلسة استيضاح المحكمة لبعض وقائع التحقيقات ..
المتهم الاول كمال الفرماوي وخرج المتهم من القفص ووقف امام المنصة
الرئيس
– جاء فى اقوالك أنه فى يوم 19-8 طلب منك فاروق المنشاوي وعلى عشماوي بمنزل فايز إسماعيل بشبرا أنك تتصل بأسرة ميت عقبة واسرة الخطيب لتسألهم عن نوع السلاح اللى تدربوا عليه .
والمحكمة عاوزة تسمع منك كان رد الاسرتين كليك ايه فى هذا الخصوص .
كمال
– ما فيش أسر اصلا .
الرئيس
– علي عشماوي وفاروق المنشاوي قالوا لك اسال الناس دول متدربين ايه .
كمال
– ده ما حصلش .
الرئيي
– الحديث اللى بينك وبين علي عشماوي كان ايه ؟
كمال
– قال لى " فيه ناس بيقبض عليهم " .
وانا مطلوب القبض على , وجايز أجليك تتصل بأسرتى .. والمقابلة لم تستغرق 5 دقائق .
الرئيس
– علي عشماوي ومحمد الخطيب قررا انك اجتمعت معهم فى منزل الخطيب يوم 18-8-65 وكان العشماوى معاه شنطة بها اسلحة قام بشرح استعمالها .
ايه تفاصيل ما دار فى هذا الاحتماع .
كمال
– عشماوي عرفنى بمحمد الخطيب بعد التحاقى بالدراسات العليا بكلية الحقوق .
وقال لى انه يمكنه مساعدتى فى هذه الدراسات .
وأنا رحت فعلا الى منزل الخطيب , وحضر عشماوى وكان فى ايده شنطة , وأنا نزلت على طول ومعرفش ايه اللى فى الشنطة .
الرئيس
– كنت رايح ليه .
كمال
– قال لى عشماوى هانتغدى عند الخطيب .
الرئيس
– فى اقوالك قلت ط هو شرح لى طريقة فك وتركيب الاسلحة وكيفية استعمالها ".
كمال
- ظروف التحقيق كانت تستدعى أن أقرر كل حرف قاله على عشماوى .
– وليه علي عشماوي يلقى عليك التهم .
كمال
– والله لا أعلم .
هو الشخص الوحيد اللى قال أنه ندم .
ليه احنا ما ندمناش .
لأننا ما نعرفش فكرة اغتيالات أو تخريب اصلا .
واذا كان لنا من تعليق على هذه المواقف الرائعة , وآيات البطولة
التى ترددت فى جنبات قاعات المحاكم , فهو انها دليل قوى , وشاهد حى على أن
دعوة الإسلام هذه لا يمكن ان تموت لمجرد أن حاكما مثل جمال عبد الناصر يريد استئصالها . ولن ينفعه ان يتزود فى سبيل ذلك بالبطش والارهاب ,
وبالتعذيب والمشانق و ولا ان يصخب بضجيجه , او يظهر جعجعته وانتفاشه , ولا ان يحظى برضا سادته فى موسكو وفى واشنطن .
فالله اكبر منه ومن سادته , ودعوة الإسلام دعوة الله و وجنودها عباده المخلصون و والله غالب على امره .
لقد واجه الإسلام منذ نشاته حربا مستعمرة لم تخمد نارها , ولم يخب أوارها من عهد ابى جهل وسادة قريش فى مكة , الى عهد جمال عبد الناصر وزبانيته فى القاهرة عرف التاريخ اعجاء اشداء على الإسلام والمسلمين كالروم والفرس , والاسبان فى الاندلس , والصليبيين والتتار ,
والحركات الباطنية , وغير ذلك كثير .
الا ان المد الإسلامي العظيم طوى فى زحفه كل هؤلاء .. وسيطوى اليوم
اخلافهم , ولن يؤثر فى زحفه بطش ولا ارهاب , ولا هذه الحرب الآثمة التى
يشنها اليوم هذا النحالف الآثم من اليهودية العالمية , والشيوعية الدولية و
والاستعمار الغربى بمختلف اشكاله ودوله , وخاصة أمريكا التى تسيطر عليها
اليهودية العالمية ..
سواء شنها مباشرة أو بواسطة عملاء يحقدون على الإسلام مثل حقدهم او أشد , من أمثال جمال عبد الناصر وزكريا محي الدين .. غير أن ذلك كله لن ينفعهم , فالإسلام أقوى وأبقى لأنه يستند الى قوة علوية هى قوة الله الكبير المتعال :
" ان بطش ربك لشديد " ولينصرن الله هذا الدين , وليظهرنه على الدعوات كلها :
" يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم , ويأبى الله الا أن يتم نوره
ولو كره الكافرون . هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين
كله , ولو كره المشركون " صدق الله العظيم .
كيف واجه الشهداء الموت
وكما رأينا كيف واجه الاخوة الابطال محكمة "أمن " الدولة وشجاعتهم
وجراتهم فى دفع التهم و رغم التعذيب والارهاب لابد ان نذكر هنا كيف واجه
الشهداء الموت ..
ابلغ ما نذكره فى هذا المقام أن نعود فننظر مرة أخرى الى صورة الشهيد سيد قطب , فى السيارة التى نقلته من قاعة المحكمة , بعد صدور الحكم عليه بالاعدام ..
صورته المعبرة عن سعادته التى ما بعدها سعادة , لأنه سيحظى بلقاء ربه , شهيدا فى سبيله .
ثم لنقرأ كلماته التى سطرها داخل سجنه , فى كتابه المفترى عليه " معالم في الطريق .. قال الشهيد الحبيب :
" وتتبدل الاحوال , ويقف المسلم موقف المغلوب المجرد من القوة المادية , فلا يفارقه شعوره بانه الاعلى .
وينظر الى غالبه من عل ما دام مؤمنا .
ويستيقن انها فترة وتمضى , وان للايمان كرة لا مفر منها .
وهبها كانت القاضية فانه لا يحنى لها رأسا .
ان الناس كلهم يموتون أما هو فانه يستشهد .
وهو يغادر هذه الارض الى الجنة وغالبه يغادرها الى النار .
وشتان وشتان .
وهو يسمع نداء ربه الكريم :
" لا يغرنك تقلب الذين كفروا فى البلاد ,,متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد .
لكن الذين اتقوا ربهم لهم جنات تجرى من تحتها الانهار خالدين فيها . نزلا من عند اله , ا عند الله خير للابرار "..
" وتسود المجتمع عقائد وتصورات وقيم وأوضاع كلها مغاير لعقيدته
وتصوره وقيمه وموازينه , فلا يفارقه شعوره بأنه الاعلى و وبأن هؤلاء فى
الموقف الدون .
وينظر اليهم من عل فى كرامة واعتزاز , وفى رحمة كذلك وعطف , ورغبة
فى هدايتهم الى الخير الذى معه ., ورفعهم الى الافق الذى يعيش فيه .
" ويضج الباطل ويصخب , ويرفع صوته و وينفش ريشه , وتحيط به الهالات
المصطنعة التى تغشى على الابصار والبصائر , فلا ترى ما وراء الهالات من قبح
شائه دميم , وفجر كالح لئيم ..
وينظر المؤمن من عل الى الباطل المنتفش , والى الجموع المخدوعة ,
فلا يهن , ولا يحزن , ولا ينقص اصراره على الحق الذى معه , وثباته على
النهج الذى يتبعه , ولا تضعف رغبته كذلك فى هداية الضالين والمخدوعين . "
ويغرق المجتمع فى شهواته الهابطة , ويمضى مع نزواته الخليعة , ويلصق
بالوحل والطين , حاسبا أنه يستمتع وينطلق من الاغلال والقيود. وتعز فى مثل
هذا المجتمع كل متعة بريئة وكل طيبة حلال , ولا يبقى الا الآسن , ولا اوحل
والطين ..
وينظر المؤمن من عل الى الغارقين فى الوحل اللاصقين بالطين . وهو
مفرد وحيد , فلا يهن ولا يحزن , ولا تراوده نفسه أن يخاع رداءه النظيف
الطاهر وينغمس فى الحمأة ز وهو الاعلى بمتعة الايمان ولذة اليقين .
" ويقف المؤمن قابضا على دينه كالقابض على الجمر فى المجتمع الشارد عن
الدين , وعن الفضيلة , وعن القيم العليا , وعن الاهتمامات النبيلة , وعن كل
ما هو طاهر نظيف جميل .. ويقف الآخرون هازئين بوقفته , ساخرين من تصوراته
ٍضاحكين من قيمه ..
فما يهن المؤمن وهو ينظر من عل الى الساخرين والهازئين والضاحكين ,
وهو يقول كما قال واحد من الرهط الكرام الذين سبقوه فى موكب الايمان العريق
الوضىء , فى الطريق اللاحب الطويل .. نوح عليه السلام ..
" ان تسخروا منا فانا نسخر منكم كما تسخرون "
وهو يرى نهاية الموكب المضىء ونهاية القافلة البائسة فى قوله تعالى
" ان الذين أجرموا كانو من الذين آمنوا يضحكون .. واذا مروا بهم
يتغامزون . واذا انقلبوا الى اهلهم انقلبوا فكهين . واذا رأوهم قالوا ان
هؤلاء لضالون
– وما أرسلوا عليهم حافظين – فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون على الارائك ينظرون . هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون ؟
وقديما قص علينا القرآن قولة الكافرين للمؤمنين :
" واذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للذين آمنوا : أى الفريقين خير مقاما وأحسن نديا ؟ " ..
أى الفريقين ؟
الكبراء الذين لا يؤمنون بمحمد ؟ أم الفقراء الذين يلتفون حوله ؟
أى الفريقين ؟
النضر بن الحارث , وعمرو بن هشام , والوليد بن المغيرة , وأبو سفيان بن حرب ؟
أم بلال وعمار وصهيب وخباب ؟
أفلو كان ما يدعوا اليه محمد خيرا أفكان اتباعه يكونون هم هؤلاء
النفر , الذين لا سلطان لهم فى قريش ولا خطر , وهم يجتمعون فى بيت متواضع
كبيت الارقم , ويكون معارضوه هم أولئك أصحاب الندوة الفخمة الضخمة , والمجد
والجاه والسلطان ؟
" انه منطق الارض .
منطق المحجوبين عن اللآفاق العليا فى كل زمان ومكان .
وانها لحكمة الله أن تقف العقيدة مجردة من الزينة والطلاء , عاطلة من عوامل الاغراء .
لا قربى من حاكم , ولا اعتزاز بسلطان , ولا هتاف بلذة , ولا دغدغة لغريزة .
وانما هو الجهد والمشقة والجهاد والاستشهاد ..
ليقبل عليها من يقبل , وهو على يقين من نفسه أنه يريدها لذاتها خالصة لله من دون الناس , ومن دون ما تواضعوا عليه من قيم ومغريات .
ولينصرف عنها من يبتغى المطامع والمنافع , ومن يشتهى الزينة زالابهة
, ومن يطلب المال والمتاع , ومن يقيم لاعتبارات الناس وزنا حين تخف فى
ميزان الله .
" ان المؤمن لا يستمد قيمه وتصوراته وموازينه من الناس حتى يأسى على تقدير الناس , انما يستمدها من رب الناس وهو حسبه وكافيه ..
انه لا يستمدها من شهوات الخلق حتى يتأرجح مع شهوات الخلق , انما
يستمدها من ميزان الحق الثابت الذى لا يتأرجح ولا يميل .. انه لا يتلقاها
من هذا العالم الفانى المحدود , انما تنبثق فى ضميره من ينابيع الوجود ..
فأنى يجد من نفسه وهنا أو يجد فى قلبه حزنا , وهو موصول برب الناس وميزان
الحق وينابيع الوجود ؟
" انه على الحق .. فماذا بعد الحق الا الضلال ؟ وليكن للضلال سلطانه
, وليكن له هيله وهيلمانه , ولتكن معه جموعه وجماهيره , ان هذا لا يغير من
الحق شيئا . انه على الحق وليس بعد الحق الا الضلال . ولن يختار مؤمن
الضلال على الحق – وهو مؤمن – ولن يعدل بالحق الضلال كائنة ما كانت
الملابسات والاحوال ..
" ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك أنت الوهاب
ربنا انك جامع الناس ليوم لا ريب فيه ان الله لا يخلف الميعاد "
أغنية
بقى لنا فى ختام هذا العمل المتواضع , الذى لا يفى بشىء من حق الشهداء والممتحنين والمعذبين الابرياء ..
بقيت أغنية ترددها أرملة كل شهيد , كما ترددها كل أم وأخت وابنة
ذهبوا بابنها أو زوجها أو أخيها أو أبيها الى معاقل "الحرية الناصرية " ..
أغنية كتبها شاعر استشهد على أيدى الطاغوت المصرى ..
أنه الشاعر الشهيد هاشم الرفاعى الذى اغتالوه وهو فى الثامنة والعشرين ,ثم اقاموا له العزاء وابنوه
أرملة الشهيد تهدهد طفلها
نم يا صغيرى .. ان هذا المهد يحرسه الرجاء
-
-
-
-
- من مقلة سهرت لآلآم تثور مع المساء
-
-
-
فأصوغها لحنا مقاطعه تأجج فى الدماء
-
-
-
-
- اشدوا بأغنيتى الحزينة , ثم يغلبنى البكاء
-
-
-
وامد كفى للسماء .. لأستحث خطى السماء
-
-
-
-
- نم . لا تشاركنى المرارة والمحن
-
-
-
فلسوف أرضعك الجراح مع اللبن
-
-
-
-
- حتى انال على يديك منى وهبت لها الحياة
-
-
-
يا من راى الدنيا , ولكن .. لن يرى فيها أباه
-
-
-
-
- ستمر اعوام طوال فى الانين وفى العذاب
-
-
-
واراك يا ولدى قوى الخطو موفور الشباب
-
-
-
-
- تأ وى الى أم محطمة مغضنة الاهاب
-
-
-
وهناك تسألنى كثيرا عن أبيك , وكيف غاب
-
-
-
-
- هذا سؤال يا صغيرى قد أعد له الجواب
-
-
-
فلئن حييت فسوف أسرده عليك
-
-
-
-
- أو مت فانظر من يسر به اليك
-
-
-
فاذا عرفت جريمة الجانى وما اقترفت يداه
-
-
-
-
- فانثر على قبرى وقبر أبيك شيئا من دماه
-
-
-
غدك الذى كنا نؤمل ان يصاغ من الورود
-
-
-
-
- نسجوه من نار ومن ظلم تدجج بالحديد
-
-
-
فلكل مولود مكان بين اسراب العبيد
-
-
-
-
- المسامين ظهورهم للسوط فى ايدى السجود
-
-
-
فلقد ولدت لكى ترى اذلال أمة
-
-
-
-
- غفلت فعاشت فى دياجير الملمة
-
-
-
مات الابى بها و ولم نسمع بصوت قد بكاه
-
-
-
-
- وسعوا الى الشاكى الحزين فالجموا بالعب فاه
-
-
-
أما حكايتنا فمن لون الحكايات القديمة
-
-
-
-
- تلك التى يمضى بها التاريخ دامية أليمة
-
-
-
الحاكم الجبار .. والبطش المسلح , والجريمة
-
-
-
-
- وشريعة لم تعترف بالرأى او شرف الخصومة
-
-
-
ما عاد فى تنورها لحضارة الإنسان قيمة
-
-
-
-
- الحر يعرف ما تريد المحكمة
-
-
-
وقضاته سلفا قد ارتشفوا دمه
-
-
-
-
- لا يرتجى دفعا لبهتان رماه به الطغاة
-
-
-
المجرمون الجالسون على كراسى القضاة
-
-
-
-
- حكموا بما شاؤؤا وسيق ابوك فى أغلاله
-
-
-
قد كان يرجوا رحمة للناس من جلاده
-
-
-
-
- ما كان يرحمه الاله يخون حب بلاده
-
-
-
لكنه كيد المدل بجنده .. وعتاده
-
-
-
-
- المشتهى سفك الدماء على ثرى رواده
-
-
-
كذبواوقالوا عن بطولته خيانة
-
-
-
-
- وأمامنا التقرير ينطق بالادانة
-
-
-
هذا الذى قالوه عنه غدا يردد عن سواه
-
-
-
-
- هو مشهد من قصة حمراء فى أرض خضيبة
-
-
-
كتبت وقائعه على جدر مدرجة رهيبة
-
-
-
-
- قد شادها الطغيان اكفانا لعزتنا السليبة
-
-
-
مشت الكتيبة تنشر الاهوال فى أثر الكتيبة
-
-
-
-
- والناس فى صمت , وقد عقدت لسانهم المصيبة
-
-
-
حتى صدى الهمسات غشاه الوهن
-
-
-
-
- لا تنطقوا .. ان الجدار له أذن
-
-
-
وتخاذلوا , والظالمون نعلهم فوق الجباه
-
-
-
-
- كشياه جزار .. وهل تستنكر الذبح الشياه ؟؟
-
-
-
لا تصغ يا ولدى الى ما لفقوه ورددوه
-
-
-
-
- .. من انهم قاموا الى الوطن الذليل فحرروه
-
-
-
لو كان حقا ذاك ما جاروا عليه وكبلوه
-
-
-
-
- ولما رموا بالحر فى كهف العذاب ليقتلوه
-
-
-
ولما مشوا للحق فى وهج السلاح فأخرسوه
هذا الذى كتبوه مسموم المذاق
-
-
-
-
- لم يبق مسموعا سوى صوت النفاق
-
-
-
صوت الذين يقسون الفرد من دون الاله
-
-
-
-
- ويسبحون بحمده , ويقدمون له الصلاة
-
-
-
وأخيرا نسأل الله العلى القدير أن ينزل الشهداء الابرار أعلى المنازل , وان يثبت الممتحنين المعذبين الاطهار .
ويربط على قلوبهم ,وأن يخلفهم فى أهليهم , وأن يثبتنا جميعا على
صراطه المستقيم وأن يجازى الظالم بما يستحق ويجعله عبرة لمن يعتبر , وأن
يأتينا بنصره القريب .انه سميع مجيب .
" ان الله ليملى للظالم حتى اذا أخذه لم يفلته " .
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون " . "
أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين من قبلكم , مستهم
البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ؟
ألا ان نصر الله قريب " وصدق الله العظيم .
Inscription à :
Articles (Atom)